عندما يتعلق الأمر بأخبار الاتجاهات الاجتماعية والاقتصادية في العالم العربي، يلجأ قادة الحكومة وكبار رجال الأعمال لمجلة (الاتجاهات). وتتشرف تحسين للاستشارات أن تكون رؤاها بشأن تنظيم اقتصاد المشاركة الناشئ في العالم العربي على صفحات المجلة في إصدار شهر أكتوبر. وفيما يلي ننشر النص الكامل للمقالة.

تحدث ويزلي شوالييه، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة تحسين للاستشارات، مع (نيكهل إنامدار)، أحد أبرز المتخصصين في اتجاهات الأعمال الرئيسية في المنطقة، بشأن الدور المتطور الذي يلعبه اقتصاد المشاركة في خلق فرص عمل جديدة للشباب في المنطقة. وأكد الرئيس التنفيذي للعمليات على أهمية تجنب الاتجاهات التنظيمية التي تتسبب في الحد من الآثار الاقتصادية التي تعود بالنفع على مجتمعات  المنطقة كنتيجة للمساهمة الإيجابية لإقتصاد المشاركة ودخول شركات التكنولوجيا الرائدة أسواق المنطقة مثل شركة أوبر  لتطبيقات النقل الذكي وشركة (أير بي إن بي) لحجوزات السفر وبيوت العطلات.

ومع قلة المواد الصحفية التي تناولت المواضيع ذات الصلة بالاقتصاد التشاركي، فقد ابتعد العالم العربي إلى حد كبير عن النقاش العام والحكومي حول السياسات والتشريعات التي ينبغي تطويرها كاستجابة للنمو الكبير لشركات التكنولوجيا التي تقدم نماذج أعمال متطورة تُخرج النماذج القديمة من حلبة المنافسة.

مع نمو اقتصاد المشاركة، يواجه صناع السياسات على مستوى العالم التحدي المتمثل في تبني خدمات رقمية مبتكرة يمكنها خفض التكاليف وزيادة راحة المستهلكين مع تحقيق التوازن في الأسواق من خلال الحفاظ على استمرارية القدرة التنافسية للصناعات القائمة في مواجهة المد التكنولوجي الكبير.

النمو السريع لاقتصاد المشاركة في العالم العربي

ويتضمن اقتصاد المشاركة مجموعة واسعة من المنصات الإلكترونية التي تساعد الناس على الوصول إلى الأصول والموارد والوقت والمهارات. وفي حين أن هناك عددًا متزايدًا من الشركات الإقليمية التي دخلت هذا القطاع، فإن الشركات المهيمنة في العالم العربي لا تزال في وضعٍ تمويليّ جيّد، وهي شركات ناشئة وتنطلق من مقراتها في وادي السيليكون بالولايات المتحدة الأمريكية لتصل إلى مراكش و بيروت والعديد من المدن بينهما. وقد قامت شركات اقتصاد المشاركة بتوسيع نطاق عملياتها بوتيرةٍ متسارعة في جميع أنحاء العالم العربي مدفوعة بالطلب القوي من المستهلكين. ومع ذلك، لايزال معظم صانعي السياسات الإقليميين لم يفكروا بعد في كيفية تنظيم اقتصاد المشاركة.

مساهمة قطاع السفر والسياحة في اقتصادات المنطقة وخلق فرص العمل

المصدر: المجلس العالمي للسفر والسياحة

البلد

إجمالي مساهمة السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي

إجمالي مساهمة السفر والسياحة في خلق فرص العمل

الإمارات العربية المتحدة

٪8.40

٪9.20

السعودية

٪7.70

٪11.10

مصر

٪12.80

٪11.60

المغرب

٪17.90

٪16.00

لبنان

٪21.10

٪20.30

محاولات مبكرة لتقنين القطاع

عند النظر في كيفية تنظيم اقتصاد المشاركة، يواجه صانعو السياسات العالم العربي العرب خيارين وهما إما استبعاد المنصات الجديدة لشركات التكنولوجيا من خلال وضع العراقيل التنظيمية التي تقيّد حركتها في السوق، مع الإبقاء على السياسات التنظيمية التي تصب في صالح الشركات القائمة من خلال منحها الأفضلية، أو تبني المنافع الاقتصادية التي يمكن أن يحققها اقتصاد المشاركة لزيادة الابتكار والإستفادة من نمو قطاع اقتصاد المشاركة لتعزيز النمو الاجتماعي والاقتصادي.

دبي هي البيئة المناسبة لانطلاق عملية تنظيم وتقنين اقتصاد المشاركة في جميع أنحاء المنطقة. على سبيل المثال، في الفترة التي تسبق معرض إكسبو 2020 ، تسعى دبي إلى توسيع نطاق أماكن الإقامة للسائحين والزوار. ويتمثل أحد قطاعات السوق التي ارتفع عليها الطلب في السنوات القليلة الماضية في مجال مزاولة خدمة تأجير بيوت العطلات أو استئجارها على أساس يومي أو أسبوعي أو شهري. وقبل صدور المرسوم رقم 41 لسنة 2013 بشأن تنظيم نشاط تأجير بيوت العطلات في إمارة دبي، وحتى عام 2013 عندما تم تطبيق المرسوم رقم 41، كان تأجير أو استئجار بيوت العطلات لفترات قصيرة غير مقنن إلى حدٍ كبير.

يُلزم المرسوم الأفراد والمنشآت المرخص لهم ، الذين يزاولون خدمة تأجير بيوت العطلات أو استئجارها بقصد إعادة تأجيرها للنزلاء، بالحصول على ترخيص من دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي. وقد بدأت دائرة السياحة والتسويق التجاري في تلقي طلبات الترخيص من المشغلين والمالكين، واعتبارًا من يوليو 2015، تم ترخيص ما مجموعه 37 من المشغلين والمالكين لتأجير منازل العطلات في دبي، إضافة إلى تسجيل 800 وحدة.

ومن غير الواضح كيف سيؤثر الدفع باتجاه تسجيل بيوت العطلات وفرض غرامات على المخالفين الذين يستأجرون عقاراتهم دون ترخيص في نهاية المطاف على مشاركة اللاعبين الاقتصاديين العاملين في قطاع الإيجار قصير الأجل.

ويعد ترخيص منازل العطلات  مثالًا على استجابة السياسات العامة بأثر رجعي والذي من شأنه التسبب في تآكل قاعدة العرض للجهات الفاعلة في اقتصاد المشاركة في قطاع الإيجار قصير المدة من خلال فرض عملية ترخيص على الملاك. كان من المحتمل أن يكون الحل الذي يعود بالنفع على الجميع، والذي كان من الممكن أن يدعم نمو اقتصاد المشاركة بالإضافة إلى زيادة العائدات الحكومية إلى حد كبير، هو الجلوس مع ممثلي شركات التكنولوجيا ووكلاء التأجير قصير المدة لمناقشة كيفية تحصيل ضريبة دبي السياحية من الوسطاء ودفعها مباشرة إلى سلطة الترخيص. وفي فرنسا وهولندا والهند والولايات المتحدة، تعمل شركات التكنولوجيا مع السلطات  للقيام بذلك على وجه التحديد.

وتشير دراسة حديثة إلى أن تواجد تطبيقات بيوت العطلات في قطاع الإيجار قصير الأجل يؤثر سلبًا على إيرادات غرف الفنادق. ومع ذلك، فإن الاستجابة التنافسية من جانب الفنادق القائمة تؤدي في كثير من الأحيان إلى تخفيض الأسعار لدى الفنادق منخفضة التصنيف والفنادق التي لا تلبي احتياجات المسافرين من رجال الأعمال.

وفي هذا الصدد، يمكن لشركات حجوزات بيوت العطلات أن تسهم في خفض أسعار الغرف الفندقية فضلا عن طرح خيارات وعروض اقامة فندقية متنوعة أمام المستهلكين. وبقدر ما يمكن أن يؤدي انخفاض أسعار الإقامة الفندقية إلى زيادة أعداد السائحين، فقد يكون لمتطلبات الترخيص في دبي كآلية لتنظيم اقتصاد المشاركة أثراً غير مقصود في الحد من السياحة من خلال تعزيز أسعار الإقامة المرتفعة.

 ويمكن أن يؤدي التداخل بين الوظائف التنظيمية والتشغيلية للمؤسسات الحكومية في كافة أرجاء العالم العربي إلى عدم كفاءة كبيرة؛ فعندما تقدم جهة حكومية خدمة ما، وتقوم بنفسها بتعيين معايير التسليم، وترصد الامتثال للمعايير التي وضعتها، غالبًا ما تحدث نتيجة غير مقصودة تتمثل في انخفاض مستوى جودة ومعايير تقديم الخدمات العامة.

لقد أفرزَ تقليد الحوكمة هذا في العالم العربي عددًا من الحالات التي تشارك فيها الهيئات التنظيمية في الوظائف التشغيلية والتجارية، في الوقت الذي ينبغي أن تركز فيه على مهامها التنظيمية المسؤولة عنها أمام الوزارات، ووضع المعايير التي تضمن تقديم خدمات عامة عالية الجودة. وتنطوي المشاركة المفرطة للمؤسسات الحكومية في الأنشطة التشغيلية على إمكانية تقليل نمو اقتصاد المشاركة وبالتالي تؤثر سلباً على راحة المستهلك واختياراته.

وبالتعاون مع مبادرة الحكومة الذكية في الإمارات العربية المتحدة، وتسهيلاً على جمهور المتعاملين، طُلب من الدوائر الحكومية إتاحة الوصول إلى خدماتها عبر تطبيقات الهاتف المحمول.

ويُعد إعلان هيئة الطرق والمواصلات في دبي عن استحداث قناة تواصل جديدة مع متعامليها في مجال تقديم خدماتها المتعلقة بنشاط نقل الركّاب سواء بالمركبات الفخمة (الليموزين)، أو مركبات الأجرة العادية، مثالًا محتملًا على الحالة التي يكون فيها كيان حكومي له هيئة تنظيمية يمتد نطاق اختصاصها من وضع السياسات إلى القيام بدور تشغيلي؛ مما سيتطلب من مشغلي تلك المركبات توجيه المعاملات من خلال نظام الحجز والاتصال الخاص بها.

ومن خلال طرح تطبيق ليموزين خاص بها، والذي يتنافس أساسًا مع شركات تكنولوجيا النقل عبر تطبيقات الهاتف المحمول ويؤدي إلى تآكل العرض في السوق، تخاطر هيئة الطرق والمواصلات في دبي بتقليص فرص شركات الابتكار في القطاع الخاص والتي يمكن أن تغذي مشاريع ريادة الأعمال وتزيد الاستثمار الخاص وتخلق فرص عمل جديدة.

تبني اقتصاد المشاركة لصالح التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة العربية

وفقًا للمجلس العالمي للسفر والسياحة، يساهم قطاع السفر والسياحة بحوالي 283 مليار دولار في الاقتصادات العربية ويوظف قوى عاملة تبلغ 11 مليون عامل. وهذا يعني أن مساهمة قطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي تتساوى مع القطاع المصرفي، والصناعات الكيماوية والقطاع الزراعي، وقطاع السيارات. وهناك مؤشرات واضحة تدل على أن قطاع السفر والسياحة سيلعب دوراً قوياً في تحفيز النمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل في العالم العربي خلال العقد المقبل. وبقدر ما يوفر اقتصاد المشاركة من قوة محركة رئيسية لقطاع السفر والسياحة، فإن لديه القدرة أيضاً على المساهمة بشكلٍ كبير في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة العربية. وعلى الرغم من عدم وجود محاولات جدية لتحديد التأثير الاجتماعي والاقتصادي لاقتصاد المشاركة في العالم العربي، تشير البيانات المحدودة إلى الأهمية المتزايدة لهذا القطاع في دفع عجلة أنشطة السفر والسياحة في المنطقة. وعلى سبيل المثال، 40٪ من مستخدمي المركبات العاملة على تطبيق شركة أوبر في دبي يأتون من خارج البلاد. مثل هذه الإحصائيات تشير إلى أن اتجاهات اقتصاد المشاركة ومعدلات انتشاره على مستوى العالم يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الاقتصادات على المستوى الإقليمي.

وفي هذا السياق، كشف تقرير صدر مؤخراً عن أن نسبة 67.5٪ من الوظائف المرتبطة باقتصاد المشاركة في الولايات المتحدة يشغلها الشباب من الفئة العمرية 18 إلى 34 عامًا. ويوحي تأثير توظيف الشباب في الوظائف المرتبطة باقتصاد المشاركة على الصعيد العالمي أن تبني هذا النوع من الاقتصادات في العالم العربي يمكن أن يلعب دوراً محورياً ورئيسياً في برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية الحكومية للتصدي لتحدي بطالة الشباب في العالم العربي. هذه الرؤية لها انعكاسات مهمة على الطريقة التي يجب أن تتبعها الحكومات العربية في تنظيم اقتصاد المشاركة.

الشرائح العمرية للعاملين في اقتصاد المشاركة بالولايات المتحدة

المصدر: طلبات تأسيس الشركات الناشئة لعام 2015 - تقرير القوى العاملة الاقتصادية

الشريحة العمرية

النسبة المئوية للعاملين في قطاع اقتصاد المشاركة

24 - 18

٪38.70

34 - 25

٪28.80

44 - 35

٪16.30

54 - 45

٪11.00

64 - 55

4.30٪

+65

٪0.90

مستقبل اقتصاد المشاركة في العالم العربي

يعتمد مستقبل اقتصاد المشاركة في العالم العربي اعتمادًا كبيرًا على الطريقة التي تتبعها الحكومات في تنظيم القطاع. المعالجات التي تأتي كردة فعل والحلول الآنية المتعجلة في السياسات العامة من شأنها منع التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية الإيجابية الكبيرة المحتملة التي يمكن أن تتولد عن اقتصاد المشاركة.

توفر برامج ريادة الأعمال ودعم المرتبات للمواطنين في دول الخليج إمكانات كبيرة لجذب العمالة المواطنة والاستثمارات الخاصة إلى قطاعات اقتصاد المشاركة الناشئة والتي يمكن أن تقلل من اتجاه المواطنين نحو العمل في وظائف القطاع العام والدوائر الحكومية.

بينما في الدول العربية ذات الدخل المتوسط، يمكن لاقتصاد المشاركة أن يقدم خيارات توظيف للشباب يمكن دمجها لصالح برامج التمويل والتدريب الحكومية التي تؤدي في النهاية إلى تملك الشباب لهذه الشركات الناشئة.

وبينما تفرض بلدان أخرى متطلبات ترخيص ومعايير تنظيمية صارمة تعرقل دخول شركات التكنولوجيا الأسواق، وتُحِد  من الخيارات المتاحة للمستهلكين، فإن البلدان العربية لديها الفرصة لتمييز نفسها كمنطقة حاضنة لاقتصاد المشاركة وذلك من خلال  استجابة مدروسة جيدًا في رسم السياسات العامة التي تمكن من توظيف النمو المحتمل لقطاع اقتصاد المشاركة لصالح برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الأقطار العربية.

البطالة حسب الشرائح العمرية في بعض الدول العربية

المصدر: أحدث الإحصاءات الواردة من منظمة العمل الدولية

الشريحة العمرية

الإمارات العربية المتحدة

السعودية

مصر

المغرب

لبنان

24 - 18

٪33

٪52

٪63

٪42

٪45

34 - 25

٪32

٪45

٪36

٪40

٪32

44 - 35

٪15

٪3

٪1

٪12

٪8

54 - 45

٪12

٪0.50

٪0.06

٪5

٪8

64 - 55

٪8

٪0.09

غير متاح

٪0.22

٪4

+65

غير متاح

غير متاح

غير متاح

٪0.22

٪2