منذ دخول منتجات ومشروبات الطاقة أسواق بلدان مجلس التعاون الخليجي في عام 2000 ، ارتفعت معدلات الطلب عليها وزاد الإقبال على شرائها ، وخاصة بين شريحة الشباب.  لا توجد احصاءات لأرقام محددة حول القيمة الإجمالية للمبيعات في سوق مشروبات الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك، يقدر مجلس الغرف السعودية أن المواطنين السعوديين ينفقون ما يعادل أكثر من مليار ونصف مليار دولار أمريكي سنويًا على مشروبات الطاقة. وقد  بلغ حجم سوق مشروبات الطاقة في الإمارات العربية المتحدة حوالي ما يعادل 200 مليون دولار أمريكي. وإذا كان معدل الطلب في كلٍ من البحرين والكويت وسلطنة عمان وقطر متساويًا تقريبًا مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى ، فقد يصل إجمالي حجم سوق مشروبات الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي إلى ملياري دولار سنويًا.

جهود تنظيم مشروبات الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي

ونظرًا للطلب المتزايد على مشروبات الطاقة وانتشارها في أوساط المستهلكين، وفئة الشباب بشكلٍ خاص، خصوصًا في ظل التحذيرات الطبية بشأن أضرارها المتعددة، ومع ارتفاع وتيرة معدلات استهلاك الشباب من تلك المنتجات، تشير بعض التقديرات إلى أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و 29 عامًا يمثلون 70٪ من مستهلكي مشروبات الطاقة. وفي السنوات الأخيرة  قامت دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة من خلال هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومن خلال كل دولة من أعضاء المجلس على حدة، في ضوء القوانين الوطنية ، باتباع سياسات عامة ترمي إلى تنظيم عملية تصنيع واستيراد وتداول منتجات مشروبات الطاقة على أسس الصحة العامة. في حين أن المفهوم السائد لدى جمهور المستهلكين أن الدافع الحكومي لتنظيم مشروبات الطاقة ينبع من وجود مستويات عالية من التركيز لمحتوى السكر والجلوكوز مقارنة بالمشروبات الأخرى ، إلا أن مخاوف الجهات التنظيمية في دول مجلس التعاون الخليجي تتعلق أكثر بمستويات المواد المكونة لمشروبات الطاقة مثل الكافيين والتورين والجنسينج والجوارانا، وتسويق تلك المنتجات كمكملات غذائية تعزز الأداء الرياضي وتزيد الطاقة. ويعتقد المنظمون والمدافعون عن الصحة العامة أن الشباب والرياضيين الذين يستهلكون مشروبات الطاقة ليسوا على دراية كاملة بالمخاطر الصحية الناجمة عن سوء استخدام تلك المشروبات والإفراط الزائد في تناول الكافيين.

وضمن هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، حددت هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس، وكذلك الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، على نحوٍ كبير ، المعايير الفنية لمشروبات الطاقة، والتي شكلت الأساس للوائح التنظيمية الوطنية بشأن مشروبات الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. وفي عام 2009 ، أصدرت هيئة التقييس الخليجية معايير غير ملزمة لمشروبات الطاقة والتي تمت مراجعتها وتحديثها لاحقًا في عام 2015.

وتوضح بعض الصور الضوئية لعرض تقديمي قدمته شركة تحسين للاستشارات كيف قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بترجمة معايير هيئة التقييس الخليجية غير الملزمة لعامي 2009 و 2015 إلى لوائح فنية على المستوى الوطني لإنشاء المنتج والعرض ومتطلبات وضع العلامات التوضيحية على عبوات مشروبات الطاقة في منافذ التوزيع بدولة الإمارات العربية المتحدة. كما  تُظهر اللوائح الفنية الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة بشأن مشروبات الطاقة اتجاهًا متطورًا لمتطلبات الصياغة والتوزيع ووضع العلامات المحددة لمواصفات المنتج ومكوناته والفئات غير المسموح لها بتناوله والمخاطر الصحية التي قد تنجم عن استهلاكه وأماكن عرضه للجمهور.

ومن ناحيةٍ أخرى، هناك عدد من المعايير الموصى بها الصادرة في اللائحة الفنية الخليجية لعام 2015 والمتعلقة باشتراطات تداول مشروبات الطاقة في الأسواق والتي لم تعتمدها الإمارات العربية المتحدة في لوائحها الفنية على المستوى الوطني بشأن مشروبات الطاقة ، والتي من المحتمل أن تنبئ بتنظيم أكثر صرامة لقطاع مشروبات الطاقة في بلدان مجلس التعاون الخليجي في المستقبل. وتشمل  بعض المعايير المقترحة من معايير هيئة التقييس الخليجية لمشروبات الطاقة التي لم تدخل في اللوائح الفنية الوطنية في الإمارات العربية المتحدة والتي يمكن اعتمادها من قبل دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى البنود التالية والتي تماثل التقيد بما ورد بقواعد تسجيل المستحضرات الصحية والخاصة بأن يكون تداول المنتج بعد أخذ الترخيص من الجهة المختصة، وكتابة رقم تسجيل الجهة الصحية المعنية بعد إجازتها، وتدوين معلومات كاملة عن محتوى المنتج ومخاطر سوء استخدامه، إن وجدت، وذكر الحد الآمن على الصحة المسموح بتناوله في اليوم. وقد وردت البنود التالية فيما يتعلق بتنظيم تداول مشروبات الطاقة في منافذ التوزيع المختلفة:   

  • لا يجوز عرض المنتج في غير عبوتهِ الأصلية وعدم خلطه مع العصائر والمشروبات الأخرى
  • ألا تتجاوز سعة العبوة الواحدة 250 مل
  • يحظر الإعلان عنها أو القيام بأي حملات ترويجية في وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية
  • يحظر توزيعها بشكلٍ مجاني لجميع الفئات العمرية
  • يحظر على الشركات المنتجة لمشروبات الطاقة والموزعين والمزودين المشاركة في رعاية أي نشاط رياضي أو اجتماعي أو ثقافي أو التسويق أو الترويج من خلال هذه النشاطات
  • يحظر بيع مشروبات الطاقة في مطاعم أو مقاصف الدوائر الحكومية والمؤسسات التعليمية والصحية والنوادي الرياضية العامة والخاصة
  • يحظر بيع مشروبات الطاقة لمن هم دون السادسة عشر

ومع ذلك ، ونظرًا للتأثير الرائد للهيئتين الموقرتين، هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، على دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى ، فمن المرجح أن تتبع مشروبات الطاقة في البحرين والكويت وسلطنة عمان وقطر على الأرجح لوائح مشروبات الطاقة التي يتم النظر فيها حاليًا في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، كما أن  العديد من اللوائح التقييدية (كما هو موضح في العرض التقديمي المشار إليه، والذي نعرض منه صورة ضوئية أدناه) التي يتم النظر فيها حاليًا من قبل حكومتي دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والتي من شأنها أن تحد من مبيعات مشروبات الطاقة واستهلاكها ، من المحتمل أن تكون بمثابة قاعدة أساسية للوائح التي قد تكون قيد الإعداد في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية الأخرى .

ظهور ضريبة مشروبات الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي

ضريبة الخطيئة، وهو مصطلح ورد في تقرير لمنظمة الصحة العالمية، ويعني فرض ضرائب ومكوس على المنتجات الضارة بصحة الإنسان ، وهذا المبدأ معمول به في بلدان أخرى من العالم ، لذا فإن توسيع نطاق "ضرائب الخطيئة" لتشمل بعض المواد والمنتجات الضارة بصحة المستهلك  يعتبر بشكل متزايد في دول مجلس التعاون الخليجي بمثابة استجابة عملية لتحسين الصحة العامة مع زيادة الإيرادات الحكومية. في عام 2015،  وقد قدمت حكومتا المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين طلبًا إلى لجنة التعاون المالي والاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي للنظر في فرض ضريبة مكوس بنسبة 100٪ على مشروبات الطاقة في يناير 2016 ، كما تم الإعلان عبر منصات إعلامية مختلفة أنه من المتوقع أن توقع جميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي على اتفاقية بشأن فرض الضريبة المقترحة على مشروبات الطاقة بحلول منتصف عام 2016 مع الموافقة النهائية والتنفيذ المتوقع بحلول أوائل عام 2017. 

الضريبة المقترحة تصل إلى نسبة 100٪ من سعر المنتج، وهي تعتبر مشروبات الطاقة واحدة من مستهدفات الضرائب التي يتم فرضها في دول مجلس التعاون الخليجي.

ومع ذلك ، هناك أدلة متباينة على مدى فعالية ضرائب الخطيئة كأداة لسياسات تعزيز الصحة العامة المحسنة. وعادةً ما تخلص الدراسات التجريبية حول ضرائب المكوس الأكثر شيوعًا في البلدان الأخرى ، مثل الضرائب المفروضة على منتجات التبغ والبنزين ، إلى تحميلها بالكامل على كاهل المستهلكين. و من المقبول عمومًا أن ارتفاع أسعار مثل هذه المنتجات التي تمثل خطرا على صحة المستهلكين يؤدي إلى انخفاض مستويات الاستهلاك. ومع ذلك، يمكن للمستهلكين التبديل بسهولة إلى استهلاك منتجات أخرى تحتوي على نسبٍ عالية من الكافيين إذا ارتفعت أسعار منتجات ومشروبات الطاقة في أسواق مجلس التعاون الخليجي.

ولسوء الطالع ، هناك أدلة العالم على أرض الواقع أن لضرائب الخطايا ، مثل تلك المقترحة على مشروبات الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي ، تأثيرات متواضعة فقط على الاستهلاك وأثر ضئيل أو معدوم على الصحة العامة،  بينما لا يزال من غير الواضح كيف ستؤثر ضريبة الاستهلاك بنسبة 100٪ على مشروبات الطاقة في نهاية المطاف على جيب المستهلك. وفي هذا الإطار، تشير دراسة حديثة في الولايات المتحدة اضطلعت بتقييم فعالية رفع سقف ضريبة المبيعات إلى 12٪ على المشروبات الغازية إلى أن الضرائب الكبيرة لا تؤثر على الاستهلاك أو على مخرجات الصحة العامة.

وقد يتحول مستهلك مشروبات الطاقة الذي يواجه أسعارًا مرتفعة إلى عددٍ من المنتجات البديلة ، مثل الصودا أو القهوة أو الشاي أو حتى الأطعمة الخفيفة ، والتي تحتوي على مستويات مساوية من الكافيين، أو في بعض الحالات أعلى منها. وإذا كان القصد من الضريبة الخليجية المقترحة على مشروبات الطاقة هو الحد من استهلاك الكافيين الزائد ، فمن غير المرجح أن يكون فعالًا إذا لم يتم تمديده ليشمل الأطعمة والمشروبات الأخرى التي تحتوي على مستويات مماثلة من الكافيين. وهنا تلعب نظرية الإحلال والإستبدال دورها التقليدي حيث يتجه المستهلكون الذين يواجهون أسعار مشروبات طاقة أعلى بكل بساطة إلى إستهلاك مادة الكافيين من مصادرٍ أخرى أقل سعراً. ولهذا السبب ، قد تصبح ضريبة مشروبات الطاقة مجرد ضريبة غير فعالة في الحد من استهلاك تلك المشروبات الضارة وتقليص معدلات تناول الكافيين. ومن الممكن بالتأكيد رفع ضريبة مشروبات الطاقة إلى الحد الذي تعمل فيه، لكن هذا قد يضع عبئًا لا داعي له على المستهلكين،  وبالتالي قد تتجاوز تكلفة الضريبة حجم التوفير في النفقات الذي قد تستفيد منه منظومة الرعاية الصحية.

ما هو البديل؟

لدى الهيئات المنظمة لقطاع الصحة العامة في دول مجلس التعاون الخليجي سياسات قليلة للغاية يمكنهم اتباعها في تنظيم مشروبات الطاقة والتأثير على سلوك المستهلك، مثل الحد من توافر هذه المنتجات في منافذ التوزيع، وتقييد التسويق والترويج ، وزيادة الأسعار من خلال فرض الضرائب؛ وقد استهدفت معايير هيئة التقييس الخليجية، والقوانين على المستوى الوطني لدول المجلس، بالفعل موضوع توافر المنتج والترويج له. ومع ذلك ، تشير الدلائل من جميع أنحاء العالم إلى أن ضرائب الخطيئة تعود بمنافع قليلة.

وقد يكون النهج الأكثر فعالية هو تخصيص موارد كافية للحملات الوطنية الناشئة التي تستهدف زيادة الوعي في أوساط شباب دول مجلس التعاون الخليجي بالعواقب الصحية الضارة الناجمة عن استهلاك الكافيين بدلاً من فرض ضريبة من المحتمل أن تكون غير فعالة. وفي هذا السياق، بالإمكان توفير التمويل اللازم لنجاح تلك البرامج التوعوية من خلال تضافر الجهود والتعاون مع شركات الأغذية والمشروبات ، وليس فقط استهداف شركات مشروبات الطاقة منفردة، حيث يمكن أن تبقى معدلات الاستهلاك الزائد على حالها من خلال اللجوء إلى وسائل بديلة من جانب المستهلكين مثل الحصول على الكافيين من أي مصدر طعام أو مشروب آخر.

وإذا تم المضي قدما في فرض ضريبة مشروبات الطاقة، فيجب زيادة الضريبة المقترحة أيضاً على الصودا بحيث تكون مرتفعة على الأقل ، ويجب أيضًا النظر في إدراج المنتجات التي تحتوي على نسبة عالية من السكر والأطعمة والمشروبات المحتوية على الكافيين ضمن الشرائح الضريبية المستهدفة.

وربما لم تستخدم أي دولة في العالم بشكلٍ فعال ضرائب الطعام والشراب للتأثير على نتائج الصحة العامة حتى وقتنا الراهن، مثلما ذكرت شركة تحسين للإستشارات في أحدث دراساتها حول التصدي لوباء السكري الإقليمي (القمة العالمية للحكومات تُناقِش مع الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة تحسين للإستشارات سُبُل الحد من انتشارِ داء السكري في العالم العربي) والذي ربما يمثل التحدي الأكثر إلحاحًا في مجال الصحة العامة للهيئات المنظمة في بلدان مجلس التعاون الخليجي، وكذلك معالجة الفجوة الكبيرة في الميزانية للوقاية من مرض السكري وعلاجه. ونظراً لضخامة حجم انتشار مرض السكر في الوطن العربي، هناك حاجة ملحة لزيادة الإنفاق الإقليمي على استراتيجيات وبرامج الوقاية الوطنية.