القمة العالمية للحكومات التي تستضيفها دبي سنويًا أصبح يُنظـَر إليها كمنتدى رئيسي لتحديد أجندة الجيل القادم من الحكومات. وتتشرف شركة تحسين للإستشارات بالمساهمة بأفكارِهَا حول كيفية قيام الحكومات العربية بالابتكار لتوفير الحلول لعددٍ من أهم التحديات التي تواجه المنطقة العربية.

في المقابلةِ التاليةِ، تَحَدَثَ الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة تحسين للإستشارات، ويزلي شوالييه، مع ممثلين من القمة العالمية للحكومات عن أفكارهِ حول كيفية معالجة الحكومات العربية للانتشار الكبير لمرض السكر في المنطقة.

القمة العالمية للحكومات: ما هي استراتيجيات الوقاية من مرض السكر في منطقة الشرق الأوسط؟

ويزلي شوالييه: وفقًا للاتحاد الدولي لمرضى السكري، فإن هناك أكثر من 400 مليون شخص بالغ مصابين بداء السكري في جميع أنحاء العالم، ومن المتوقع أن يرتفع الرقم ليصل إلى حوالي 642 مليون مريض بالسكر بين الأشخاص البالغين بحلول عام 2040. وفي بلدان الشرق الأوسط، يشكل مرض السكر التحدي الرئيسي الذي يواجه قطاع الرعاية الصحية في المنطقة. ومع وجود واحد من كل عشرة أشخاص بالغين مصاباً بداء السكري، فإن بلدان الشرق الأوسط تسجل أعلى معدلات انتشار لمرض السكر على مستوى العالم. واليوم، فإن أكثر من 36 مليون شخص بالغ في المنطقة يتعايشون مع مرض السكر. وبحلول عام 2040، من المتوقع أن يزيد عدد البالغين المصابين بالسكري إلى أكثر من 72 مليون شخص، ويُقدر بعض الخبراء أنه سيزيد ليصل إلى ربع عدد سكان الشرق الأوسط. وهناك ستة أقطار عربية في منطقة الشرق الأوسط وهي مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية ودولة الكويت وسلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة سجلت مستويات مرتفعة من بين أعلى عشرة معدلات لانتشار المرض على مستوى دول العالم لكل من مرض السكر واختلال تحمل الجلوكوز، وهو ما يؤدي غالبًا إلى الإصابة بمرض السكر.

كما أن العديد من مرضى السكر في المنطقة لم يتم تشخيص حالتهم بعد وهم أكثر عرضة لخطر حدوث مضاعفات ضارة ومُكلفة. وبدون تدخل، يمكن أن يؤدي مرض السكر إلى تحديات اجتماعية واقتصادية كبيرة تؤثر على الأفراد والأسر والمؤسسات والمجتمع ككل. وقد قامت العديد من دول الشرق الأوسط بتأسيس برامج وطنية شاملة للتوعية بداء السكري والوقاية منه ومكافحته. وتشمل هذه الاستراتيجيات التعاون بين الجهات المعنية المتعددة وبين هيئات الرعاية الصحية ومؤسسات الصحة العامة ومنظمات القطاع الاجتماعي والقطاع الخاص لتعزيز التوعية العامة حول مرض السكر وعوامل خطورته، والاكتشاف المبكر له من خلال إجراء الفحوصات الطبية المنتظمة، والوقاية منه عن طريق إحداث تغيير في نمط واسلوب الحياة، ودعم إدارة تشخيص الأمراض المزمنة لتجنب المضاعفات في المستقبل.

القمة العالمية للحكومات: هل يتم تنفيذ هذه الاستراتيجيات بكفاءة؟ وهل تحقق نتائج؟

ويزلي شوالييه: على الرغم من أن 9% من المصابين بداء السكري في العالم يعيشون في الشرق الأوسط، إلا أن الحكومات الإقليمية تنفق 2.5% فقط من حجم ميزانيات الرعاية الصحية لمرضى السكر في العالم. وفي عام 2015، أنفق الشرق الأوسط 17 مليار دولار على علاج مرض السكر، وهو ما يقرُب من 15 % من إجمالي مخصصات الرعاية الصحية في المنطقة.

من المتوقع أن يرتفع الإنفاق الإقليمي على علاج مرض السكر إلى 31 مليار دولار بحلول عام 2040. ومع ذلك، فإن الإنفاق الإقليمي على علاج مرض السكر أقل بكثير من البلدان الأخرى..

هناك مؤشرات في بعض البلدان على أن استراتيجيات الوقاية الوطنية تعمل بكفاءةٍ وتحقق نتائجَ جيدة، فعلى سبيل المثال الخطر الرئيسي الذي من المتوقع أن يحدث إذا لم يتم زيادة ميزانيات علاج مرض السكر هو عدم القدرة على تقديم العون لجميع الأشخاص المصابين بالمرض على نحوٍ كافٍ وملائم. انخفضت معدلات انتشار مرض السكر في دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 5.5 % في الأعوام الممتدة من 2003 وحتى 2015. ومن عام 2003 إلى عام 2015، خَفَضَّت 7 دول من بين 22 دولة في العالم العربي مُعدلات انتشار مرض السكر بين مواطنيها. أما باقي البلدان العربية الأخرى فقد شهدت زيادة في معدلات انتشار مرض السكر بين السكان. فعلى سبيل المثال، ارتفعت معدلات انتشار مرض السكر في جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية ودولة ليبيا ودولة جيبوتي بنسبة 5% من عام 2003 حتى عام 2015. وفيما يتعلق بالوقاية من الإصابة بداء السكري في المنطقة العربية، فإن استراتيجيات الوقاية الوطنية لها سجل نجاح متفاوت. ومع ذلك، فإن حالة دولة الإمارات العربية المتحدة تمثل استثناءاً ملحوظاً يُعَد بمثابة نموذج ملهم لممارسات الرعاية الصحية الجيّدة للدول العربية الأخرى لمتابعتهِ والاقتداءِ بهِ.

نسبة التغيير

حجم انتشار المرض عام 2003

حجم انتشار المرض عام 2018

الدولة

2.7

4.1

6.8

الجزائر

0.7

14.9

15.6

البحرين

5.1

9.8

14.9

مصر

-0.5

7.7

7.2

العراق

2.1

7

9.1

الأردن

1.5

12.8

14.3

الكويت

5.8

6.4

12.2

لبنان

5.5

3.7

9.2

ليبيا

3.5

4.2

7.7

المغرب

2.5

7.4

9.9

عمان

5

8.5

13.5

قطر

1.6

16

17.6

السعودية

-2.9

9.4

6.5

فلسطين

4.6

3.1

7.7

السودان

0.8

6.2

7

سوريا

4.9

4.6

9.5

تونس

-5.5

20.1

14.6

الإمارات العربية المتحدة

-3.9

7.7

3.8

اليمن

-0.2

7.7

7.5

جزر القمر

-0.3

2.3

2

موريتانيا

5.3

2.1

7.4

جيبوتي

-2.9

7.3

4.4

الصومال

المصدر: الاتحاد الدولي لمرضى السكري

لقمة العالمية للحكومات: ما هو مستوى التدخل الذي نحتاجه؟

ويزلي شوالييه: هناك بعض قصص النجاح من الاستراتيجيات الوطنية للوقاية من داء السكري في المنطقة. ومع ذلك، وكما يتضح من المستويات المنخفضة نسبيًا للإنفاق على علاج مرض السكر مقارنةً بالمناطق الأخرى، فإنه يمكن بذل المزيد من الجهد والعمل. ويتضمن ذلك تنفيذ الإجراءات التالية:

  • زيادة الوعي بمخاطر نمط الحياة المؤدي لهذا المرض، مثل نمط الحياة قليل الحركة، وسوء التغذية، وعدم ممارسة الرياضة البدنية، والتي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بداء السكري.
  • تطوير المزيد من البرامج التي تُمكّن من التشخيص المبكر لحالات مرض السكر بحيث يمكن علاج الأفراد بسرعة بمجرد اكتشاف المرض لتجنب المضاعفات والأعباء المُكلفة على أنظمة الرعاية الصحية الوطنية.
  • توفير المزيد من المعلومات والتعليم للأشخاص الذين يعانون من مرض السكر حول كيفية إدارة حالاتهم المرضية بشكلٍ فعال وزيادة الامتثال للعلاج.
  • تقديم المزيد من الدعم المجتمعي لمرضى السكر.
  • إيلاء اهتمام أكبر لتعزيز تدريب الأطباء على التشخيص وتوفير العلاج الفعال

القمة العالمية للحكومات: ما هي أكبر العقبات التي تحول دون الوقاية من داء السكري؟

ويزلي شوالييه: أظهرت دراسة حديثة عن تقديم الرعاية لمرضى السكر في بلدان منطقة الشرق الأوسط أن أهم العوائق التي تحول دون توفير الرعاية المثلى لمرضى السكر تتمثل في أنماط الحياة غير الصحية، ونقص التثقيف حول عوامل الخطر، والنظام الغذائي السيئ. وتشير هذه النتائج إلى ضرورة قيام الدول العربية بتعزيز برامج التوعية والوقاية التي تشجع على اتباع الحمية وتناول الوجبات الصحية والتمارين البدنية بالإضافة إلى التوعية بعوامل الخطر.

القمة العالمية للحكومات: ما هي عواقب عدم وقف انتشار مرض السكر؟

ويزلي شوالييه: تسبب مرض السكر في وفاة 342000 شخص في عام 2015، وأكثر من نصف هذه الوفيات كانت بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 60 عامًا. وتكلفة الخدمات الطبية المتخصصة لعلاج مرض السكر في الدول العربية تؤدي إلى زيادة كبيرة في جزء من ميزانيات الرعاية الصحية الحكومية المطلوبة لتلقي العلاج. داء السكر هو حالة مزمنة يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم يتم اكتشافه وعلاجه. والمستوى المرتفع لحالات السكر التي لم يتم تشخيصها أو يتم التعامل معها بشكلٍ سيئ في المنطقة يزيد من التكاليف المرتبطة بمرض السكر في المنطقة.

وإذا لم تتم مواجهة مرض السكر بطريقةٍ صحيحةٍ فإنه قد يتسبب في زيادة التكاليف الاقتصادية في جميع أنحاء المنطقة، ويمكن أن يكون له آثاراً سيئة على جودة الخدمات الحكومية الأخرى مإجمالي مخصصات الرعاية الصحية في المنطقة..

من المتوقع أن يرتفع الإنفاق الإقليمي على علاج مرض السكر إلى 31 مليار دولار بحلول عام 2040. ومع ذلك، فإن الإنفاق الإقليمي على علاج مرض السكر أقل بكثير من البلدان الأخرى. والخطر الرئيسي الذي من المتوقع أن يحدث إذا لم يتم زيادة ميزانيات علاج مرض السكر هو عدم القدرة على تقديم العون لجميع الأشخاص المصابين بالمرض على نحوٍ كافٍ وملائم.