تشكل فجوة المهارات أحد التحديات الرئيسية التي تعترض مسيرة النمو الاقتصادي لكونها تحد سلباً من قدرات الشركات والمرافق الانتاجية والخدمية على النمو والابتكار، كما أنها تقلص من قدراتها التنافسية. ونظراً للإفتقار إلى تعريفٍ جامعٍ مانعٍ ﻟﻤﺎ ﻳﺸﻜﻞ ﻓﺠﻮةً ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺎرات ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻮﺣﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ وآليات اﻟﻘﻴﺎس ﻏﻴﺮ اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ، ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺸﻜﻞ 1 أدﻧﺎﻩ أن اﻟﻔﻬﻢ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻟﻤﺎ ﻳﺴﺒﺐ ﻓﺠﻮة اﻟﻤﻬﺎرات لا يزال أيضاً ﻣﺒﻬﻤﺎً.
وإذا كان القصد من إجراء مسوحات المهارات الوطنية هو وضع أطر لسياسة عامة قد تسهم في مساعدة الشركات على معالجة الفجوات في المهارات، فإن الدقة التي يتم بها تحديد أسباب هذه الفجوات لها أهمية حاسمة في هذا الإتجاه. ومن بين العديد من مسوحات المهارات التي قمنا بمراجعتها، وجدنا سبعة منها على وجه التحديد تستطلع أسباب الفجوات في المهارات من الأشخاص الذين تم سؤالهم. ومن خلال هذه الدراسات الاستقصائية، تبرز أربعة معطيات كأسبابٍ محتملة وراء ظاهرة فجوة المهارات: (أ)- صعوبات التوظيف؛ (ب)- وممارسات أقسام الموارد البشرية فيما يخص برامج تطوير الموظفين، والتحفيز الوظيفي، والسياسات المتبعة للإحتفاظ بالموظفين؛ (ج)- والتحولات الاستراتيجية الناجمة عن بيئات العمل المتغيرة؛ (د)- والمراحل الانتقالية لتوجيه الموظفين وتكاملهم. ويعكس هذا القسم باختصار هذه المجالات المواضيعية الأربعة في محاولةٍ للوصول إلى أنماطٍ وتصنيفات تأخذ بعين الاعتبار الفهم الحالي لمصادر الفجوات في المهارات.
أولاً: صعوبات التوظيف:
يمكن أن تنشأ صعوبات في التوظيف لعددٍ من الأسباب المختلفة مثل: المنافسة من أصحاب العمل الآخرين؛ والنقص في الكوادر التي يمكنها القيام بأعمال معينة؛ وفترات التدريب الطويلة لتطوير المهارات؛ وضعف إمكانات شركات التدريب في المجالات ذات الصلة؛ والشروط والأحكام السيئة في عقود العمل مثل ساعات العمل غير القابلة للجدل أو طرق التوظيف غير الجذابة أو الأجور المنخفضة؛ والآفاق الضعيفة للتقدم الوظيفي؛ ووجود مقر العمل في منطقة نائية مع ندرة المواصلات؛ وتعيين الشخص المناسب في الوظيفة غير المناسبة. ويتطلب العديد من أسباب صعوبات التوظيف الحاجة إلى التمييز بين الحالات التي يوجد فيها عدد قليل من الموظفين أو العاملين ممن لديهم المهارات أو الخبرات العملية أو المؤهلات المطلوبة لأداء وظائف معينة (نقص الكفاءات) والحالات التي يوجد فيها أشخاص في سوق العمل بالمهارات والخبرات العملية والمؤهلات العلمية المطلوبة ولكن ، لسببٍ ما، لا تجذبهم وظائف معينة (صعوبة التوظيف).
غير أن أحد الاعتبارات الهامة هو ما إذا كان نقص المهارات يعد أحد أعراض المشاكل الكبرى التي تنطوي على إخفاقات السوق والمؤسسات في نظام تكوين المهارات بدلاً من كونهِ سبباً مباشراً للفجوات في المهارات.
وتعتبر المؤسسات الحكومية الفعالة التي تستثمر في المهارات، وتوفر التنظيم الملائم، وتنسق مع الأطراف المعنية من الركائز الرئيسية لنظم تكوين المهارات الوطنية الفعالة. وتقوم هذه المؤسسات بربط التنمية الاقتصادية بتطور نظم التعليم والتدريب؛ والمواءمة بين العرض والطلب، كماً ونوعاً، لجعل مخرجات التعليم تتطابق مع احتياجات سوق العمل؛ وتسهيل توفير التدريب المنتظم أثناء العمل والمشاركة في تكوين المهارات من جانب الشركات؛ ومعالجة السياسات والبيانات و المصادر المالية لنقص الاستثمار الفردي في تكوين مهارات القوى العاملة الوطنية (شوالييه 2011). وبينما تحاول الحكومات التأثير على البنية التكنولوجية والصناعية لبلدانها، فإن غياب أو ضعف الآليات الحكومية في تنسيق ومواءمة مؤسسات التكوين المهني مع احتياجات سوق العمل يمكن أن يخلق حاجة لمهارات لا يمكن التنبؤ بها من خلال آليات السوق الحرة والتي يمكن أن تؤدي إلى نقص في المهارات.
وبشكلٍ متزايد، يتم الحكم على فعالية أنظمة التعليم والتدريب الرسمية من خلال قياس قدرتها على توليد رأس المال البشري المطلوب في سوق العمل من ناحية الكم والكيف، وما إذا كانت مخرجات التعليم تأتي وفقاً لتوقعات أصحاب العمل (تقرير التنمية 2010). وتؤثر إمكانية الوصول إلى مؤسسات التعليم والتدريب والجودة، والدرجة التي تخرج بها أنظمة التعليم والتدريب طلاباً ومتدربين قابلين للتوظيف، على إعداد الأفراد من ذوي المهارات والخبرات العملية والمؤهلات العلمية المطلوبة لتلبية احتياجات سوق العمل.
وفي هذا الصدد، يمكن لمؤسسات التعليم والتدريب أن تؤثر على حجم الكفاءات المتخصصة المتاحة في أسواق العمل مما قد يؤدي إلى نقص في المهارات.
متوسط معدل العائد يفسر تحفيز الأفراد للإرتقاء بمستويات ونوعيات التعليم لديهم لرفد قدراتهم الطبيعية بالمهارات المطلوبة في سوق العمل. ان رأس المال البشري هو بمثابة وسيلة للإنتاج تنتج عنها مخرجات إضافية عند زيادة الاستثمار فيها في التعليم والتدريب حيث أن العائدات المستقبلية تفوق النفقات التي يتم تخصيصها للتدريب ولوازمه. ومع ذلك، فقد أظهرت الدراسات التجريبية أنه بالإمكان تفسير التفاوت في الأجور وفقاً للاختلافات في مقدار رأس المال البشري المستثمر حيث أن فروق الأجور بالنسبة إلى العمال الأقل مهارة يمكن أن تتأثر بالتحولات القطاعية التي تتطلب كثافة أكبر للمهارات (شولتز 1975)؛ وعندما تتجاوز الزيادة في العمالة المتعلمة معدلات التوسع في التوظيف (بريتشيت 2001)؛ وعندما تكون وتيرة التقدم التقني سريعة وسياسة الحكومة مواتية للتقدم التكنولوجي وتنمية المهارات المكثفة (روزنتسفايغ 2010).
وبما أن تأثيرات سياسة التصنيع الحكومية قد تكون غير معروفة للأفراد، فإن الفجوة المعلوماتية حول المسار المستقبلي للصناعات والاحتياجات الطارئة للمهارات، وعوائد الاستثمار في مجموعة معينة من المهارات، وتجاهل العوائد المستقبلية للإستثمار في التعليم والتدريب، يمكن أن تؤدي إلى فشل السوق.
كما يمكن القيام بالاستثمار في المهارات على المدى القصير من منطلق عزوف الأفراد عن الاستثمار في مهارات ذات عوائد غير مؤكدة وطويلة الأجل. لذا قد يتأثر تحفيز القوى العاملة للمشاركة في تجربة تعلم طويلة الأمد بمسألة المردود المشكوك فيه لتلك التجربة.
نقاط الضعف في سوق رأس المال من حيث نقص تمويل استثمارات التعليم والتدريب يمكن أن تؤدي أيضاً إلى تراجع الاستثمار.
وقد تؤدي العوامل الخارجية والجمود في سوق العمل إلى تغيير حوافز وعوائد استثمارات المهارات؛ ولذا نجد أن الاستثمار الأمثل يكون دون المستوى المطلوب في تكوين المهارات. ان العوامل العديدة التي يمكن أن تغير العوائد المتوقعة لمهاراتٍ معينة، أو التي تشير إلى النمو في قطاعٍ بعينهِ، تؤثر على القرارات التي يتخذها الأفراد وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ قد ﺗؤدي إﻟﯽ ﻧﻘص المهارات.
وبالعودة إلى الاقتراح القائل بأن صعوبات التوظيف بسبب نقص المهارات تعد من أعراض مشاكل أكبر في نظام تكوين المهارات، يبدو من المحتمل أن نقص المهارات هو نتيجة اخفاق سوق العمل والشركات في الحوكمة والجودة المؤسسية لنظم تكوين المهارات، وعدم القدرة على توظيف خريجي مؤسسات التعليم والتدريب، والشكوك حول سياسات تحفيز الاستثمار الفردي في تنمية المهارات. وقد يدفع الفشل المؤسسي والسوقي الشركات إلى تبني سلوكيات توظيف خاطئة حيث يتم توظيف عمالة تنقصها المهارات المطلوبة ثم يستبدلون تلك العمالة بأخرى لتلبية الاحتياجات الناجمة عن نقص المهارات، وهكذا دواليك. وبالمثل، قد تؤدي إخفاقات سوق العمل والشركات إلى وضعٍ يبدو فيه أن الوافدين الجدد إلى القوى العاملة مؤهلين ولكنهم في الواقع يفتقرون إلى المهارات.
ويمكن لكل من هذه السيناريوهات أن تؤدي إلى فجوات في المهارات حيث تستوعب الشركات الموظفين من سوق العمل الخارجي الذين لا يملكون المهارات المطلوبة أو الخبرات العملية أو المؤهلات العلمية عند مواجهة صعوبات التوظيف التي يسببها نقص المهارات.
ثانياً: ممارسات أقسام الموارد البشرية فيما يخص برامج تطوير الموظفين، والتحفيز الوظيفي، والسياسات المتبعة للإحتفاظ بالموظفين:
توفر الشركات التدريب لزيادة مستويات مهارات القوى العاملة والحفاظ عليها لدعم الكفاءات الأساسية بالإضافة إلى تطوير مهارات جديدة يمكن أن تشكل أساساً للكفاءات المستقبلية للشركات. وتعود رغبة الشركات وقدرتها على توفير التدريب وبرامج التطوير إلى عوامل مختلفة منها أن الحسابات الإدارية لنتائج التدريب تزداد تعقيداً بسبب الفجوات المعلوماتية المتعلقة بالتكنولوجيا، ومتطلبات المهارات في المستقبل، والفوائد المرجوة من برامج التدريب (لال 1999). وفي حالات اخفاق سوق العمل والشركات، قد يتطلب تطوير الموظفين اخضاعهم لبرامج تدريب للاحتفاظ بالقدرة التنافسية بالإضافة إلى معالجة عدم كفاية برامج التكوين المهني في مرحلة ما قبل التوظيف. وقد يؤدي إستقطاب الموظفين من الشركات المنافسة، وميل الشركات إلى توظيف عاملين ذوي مهارات قابلة للتحويل من شركاتٍ أخرى، إلى الحد من التدريب في الشركات لأنها تتكبد تكاليف كبيرة لتدريب موظفيها ثم تستقطبهم شركات أخرى وما يترتب على ذلك من أضرار حيث تجني الشركات الأخرى فوائد التدريب بدون أن تدفع فلساً واحداً. لذا فإن المستويات المنخفضة من التدريب والتطوير التي تنسب إلى عددٍ من العوامل يمكن أن تؤدي إلى وجود فجوات في المهارات تعوق توليد الكفاءات مما يهدد تطبيق مهارات القوى العاملة على أهداف الأعمال الموجهة نحو السوق.
وكما ذكرنا في النقاش حول توجه الشركة القائم على الكفاءة، فإنه لا يكفي أن يكون لدى الشركة قوى عاملة ذات مهارات عالية لتحقيق ميزة تنافسية؛
بل يجب أيضًا تحفيز إدارة الموارد البشرية للعمل بما يحقق أفضل مصالح الشركة.
العديد من الشركات تشير إلى تحفيز الموظفين كسبب لفجوة المهارات؛ في انجلترا (30٪)، اسكتلندا (7٪) ، أيرلندا الشمالية (19٪)، ونيوزيلندا (16٪) (تسيلاند 2008؛ شيوري، فيفيان، وآخرون 2009؛ الخدمات التحليلية للتعليم 2010؛ شيوري، فنتربوتهام، وآخرون 2010).
وتعتبر ممارسات الموارد البشرية طريقة لتطوير مهارات القوى العاملة وكذلك لضمان التوافق بين سلوك القوى العاملة والأهداف المرجو تحقيقها على مستوى الشركة.
ومن خلال تأثيرها على تحفيز الموظفين، تشجع إدارة الموارد البشرية الموظفين المنتجين على تطبيق مهاراتهم. وبالمثل ، يمكن أن تؤثر ممارسات الموارد البشرية على ارتفاع أو انخفاض معدلات الإحتفاظ بالموظفين.
فعلى سبيل المثال، ثبت أن أنظمة الموارد البشرية القائمة على مشاركة الموظفين، والإستماع إليهم، والعمل بروح الفريق، وتدريبهم على حل مشاكلهم ضمن فريق العمل، والمشاركة الاجتماعية، والتركيزات العالية من الموظفين المهرة، وارتفاع متوسط الأجور من شأنها تقليل معدل التسرب الوظيفي. (آرثر 1994؛ ديلاني وهسفيلد 1996).
وهناك العديد من النظريات والدراسات حول تحفيز القوى العاملة التي تفسر أشكالاُ مختلفة من الدوافع التي تؤثر على إنتاجية العمال. ومن خلال فهم مصادر هذه الدوافع ، يمكن للشركات وضع سياسات موارد بشرية مصممة لتشجيع سلوك الموظفين المنتجين، وهذا يؤدي في نهاية المطاف إلى الاستفادة من التوظيف الكامل لمهارات القوى العاملة. وتشمل المجالات الأكثر بحثاً في سياسات الموارد البشرية والتي تؤثر على تحفيز العاملين: المكافآت (مثل مستحقات نهاية الخدمة وأنظمة الترقيات)؛ والمهام الوظيفية (الجوانب الوظيفية وتصميم المهام) ؛ وأسلوب الإدارة؛ ونظم التحفيز الاجتماعي (ليونارد وبيفيه وآخرون 1999). وقد وجدت العديد من الدراسات أن تعقيد مهمة العمل، وطبيعة العمل المخصص للموظف سواء كان مشوقاً أم لا، قد يكون أكثر ملاءمة لأنواع معينة من أنظمة الحوافز في الشركات (جانييه وديتشي 2005). ووفقاً لهذه النتائج، إذا كانت الشركات تسعى إلى تحفيز إنتاجية العمال، فإن ممارسات إدارات الموارد البشرية بها يجب أن تكون مصممة وفقًا لكل شركة على حدة، ونوعية العمل المكلف به الموظف، ومجال عمل الشركة.
وبناءً على ما تقدم فإن سوء إدارة الموارد البشرية على صعيد تحفيز القوى العاملة يؤثر سلباً على سلوكيات الموظفين من حيث الإتجاه والإستمرارية والجهد المبذول؛ وينجم عن هذه المؤثرات السلوكية حدوث فجوات في المهارات.
ثالثاً: التحولات الإستراتيجية الناجمة عن بيئات العمل المتغيرة:
ان توجه الشركات نحو تعزيز الكفاءات يبرز مدى أهمية النهوض بأداء إدارات الموارد البشرية وتوظيف الموارد الأخرى وتوجيهها نحو الإرتقاء بمستويات العاملين لديها وهو ما يسمح للشركات بالتكيّف مع البيئات المتغيرة. ان التجديد المستمر للكفاءات له انعكاسات على العمليات التجارية ومواقع السوق ومسارات التوسع (تيتشي، بيسانو، وآخرون 1997)؛ وقد يشمل ذلك تجديد الكفاءات إدخال تعديلات على إستراتيجيات الشركات أو أهدافها أو أسواقها أو نماذج أعمالها أو منتجاتها أو خدماتها أو ممارساتها أو تقنياتها. وقد تتطلب استراتيجيات الأعمال المتطورة ذات الصلة بعملية تجديد الكفاءات مهارات متخصصة يفتقر إليها الموظفون الحاليون مما يؤدي إلى حدوث فجوات في المهارات. وقد يعني تغيير متطلبات الوظيفة أن الموظفين الذين كانوا يعتبرون أكفاءاً صاروا الآن دون الكفاءة المطلوبة لإفتقارهم إلى المهارات اللازمة لأداء مهام جديدة أو ناشئة بسبب اعتماد الشركات التي يعملون فيها لتكنولوجيات جديدة أو كنتيجة للترقي على السلم الوظيفي. إن زيادة مهارات القوى العاملة والحفاظ عليها، في ضوء بناء الكفاءات وتجديدها لمواجهة التداعيات الناجمة عن التغييرات التي تحدث في بيئات العمل، يعني ضمناً أن الفجوات في المهارات يمكن أن تنشأ مع سعي الشركات للتعامل مع المتغيرات الداخلية والخارجية التي تهدد قدراتها التنافسية.
رابعاً: المراحل الانتقالية لتوجيه الموظفين وتكاملهم:
شريحة كبيرة من أصحاب الأعمال ومدراء الشركات يشيرون إلى أن الفجوات في المهارات قد تحدث أيضاً في مراحل ما بعد التوظيف، وبسبب ضعف التكيف عند الموظفين في بيئات العمل في مرحلة الاندماج بين الشركات، إضافة إلى العوامل المتعلقة بنقص الخبرة (التنمية 2006؛ تسيلاند 2008؛ شيوري وفيفيان وآخرون 2009؛ الخدمات التحليلية للتعليم 2010؛ شيوري، فنتربوتهام، وآخرون 2010). ومع ذلك ، فمن غير الواضح إلى أي مدى يمكن اعتبار المراحل المؤقتة والانتقالية، المرتبطة ببداية علاقة الموظفين مع أرباب العمل، سبباً لفجوات المهارات، حيث من المفترض أن تنخفض فجوات المهارات في المراحل الانتقالية هذه مع قيام الموظفين بإكمال فترة التجربة وتوطيد أقدامهم في مهامهم الوظيفية الجديدة. وبشكلٍ عام فإن التدريب التحضيري محدد بشكل خاص ويركز على تعريف الموظفين الجدد بهيكل الشركة ومتطلبات العمل المحددة والسياسات واللوائح التنظيمية للشركة (بجنينز وفانبيل 2007). ومن المؤشرات الدالة على أسباب حدوث فجوات المهارات هو مدى التزام الموظف بالإستمرارية في برامج التدريب بعد انقضاء فترة التجربة وبالتالي افتقاره للمهارات اللازمة لأداء الوظيفة المكلف بها مما يؤدي إلى الحيلولة دون تحقيق الشركة أهداف العمل المرجوة. وهكذا، يشير مؤشر المخرجات هذا إلى أن فترة التجربة والإعداد كانت غير كافية، وأن الموظف لم يكمل هذه الفترة بالشكل المطلوب، وبالتالي تكون هذه الفترة التجريبية مصدراً محتملاً للفجوات في المهارات. وبناء على ذلك، تنظر الشركات على مايبدو إلى المراحل الانتقالية، مثل فترة التجربة في بداية العقد، كمصدر مهم لفجوات المهارات.
في الشكل التالي، قمنا بالإشارة إلى أنماط فجوات المهارات في ضوء هذه المناقشة التي تجسد محاولة فهم وتحديد مصادر الفجوات في المهارات في الوقت الحاضر من خلال إجراء العديد من مسوحات المهارات على المستوى الوطني:
فجوات المهارات الناجمة عن اخفاقات الشركات وسوق العمل:
تنبع هذه الفجوات من فشل السوق والمؤسسات في نظام تكوين المهارات. فعندما تواجه الشركات صعوبة في توظيف الموظفين من سوق العمل الخارجي في ظل ظروف السوق الحالية بسبب نقص المهارات الوظيفية أو الخبرات العملية أو المؤهلات العلمية التي يتطلبها العمل، فإن الشركات تتبع سلوك الإحلال والتبديل من خلال تعيينها موظفين يحتاجون إلى مزيد من التدريب، كما قد تقوم الشركات بتعيين الموظفين الجدد الذين يبدو أنهم مدربون ومؤهلون للوظائف ولكنهم لا يزالون يفتقرون إلى مجموعة متنوعة من المهارات المطلوبة. ان فجوات المهارات الناجمة عن اخفاقات الشركات وسوق العمل قد تحدث بسبب:
• ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻤﻬﺎرات اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ: حيث ﻳﻔﺸﻞ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻟﻨﻈﺎم ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﻤﻬﺎرات ﻓﻲ رﺑﻂ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﻊ ﺗﻄﻮر ﻧﻈﻢ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺘﺪرﻳﺐ؛ وفي ضمان المواءمة بين حجم ونوعية العرض والطلب وبين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل؛ وفي توفير التدريب للموظف وهو على رأس العمل، وفي إشراك مجتمع الأعمال في برامج التكوين المهني؛ وفي معالجة السياسات أو الموارد المعلوماتية أو المصادر المالية لنقص الاستثمار الفردي في تنمية المهارات. أو:
• اختلال نظام التعليم والتدريب: إمكانية الوصول إلى مؤسسات التعليم والتدريب والجودة، والدرجة التي تخرج بها أنظمة التعليم والتدريب طلاباً ومتدربين قابلين للتوظيف، وإعداد الأفراد من ذوي المهارات والخبرات العملية والمؤهلات العلمية المطلوبة لتلبية احتياجات سوق العمل.
• نقص الإستثمار الفردي في اكتساب المهارات: العوامل العديدة التي يمكن أن تغير العائد المتوقع لمهارات معينة أو التي تشير إلى معدل نمو قطاعي لا يشجع الأفراد على الإرتقاء بمهاراتهم.
فجوات المهارات المرتبطة بإدارة الموارد البشرية:
وهي فجوات المهارات التي تنتج عن عدم كفاية ممارسات الموارد البشرية المتعلقة بتطوير أداء الموظفين، والسياسات الخاصة بالحوافز ومنع تسرب الموظفين. وتحدث فجوات المهارات الناجمة عن عدم كفاية ممارسات الموارد البشرية نتيجة للعوامل التالية:
• النقص في برامج تطوير الموظفين: مستويات منخفضة أو تدريب وتطوير غير مناسبين بشكل كافٍ مما يؤدي إلى حدوث تراجع في إنتاج الكفاءات بما يضع تطبيق مهارات القوى العاملة نحو أهداف العمل الموجهة نحو السوق في مهب الريح، أو
• ضعف ممارسات تحفيز الموظفين والحد من التسرب الوظيفي: ممارسات الموارد البشرية التي تعالج بشكلٍ غير كافٍ الاحتفاظ بالموظفين أو عدم توافق ممارسات الموارد البشرية مع سياسات تحفيز القوى العاملة.
فجوات المهارات الهيكلية:
وهي الفجوات في المهارات الناجمة عن التحولات الاستراتيجية استجابة لبيئات العمل المتغيرة والتي تؤدي إلى عدم ملائمة المهارات الحالية للقوى العاملة لمتطلبات سوق العمل. وتحدث فجوات المهارات الهيكلية بسبب:
• التحولات الاستراتيجية في الاستجابة لبيئات العمل المتغيرة: فشل الشركات في زيادة مهارات القوى العاملة والحفاظ عليها لبناء القدرات القائمة والارتقاء بها استجابةً لفرص العمل المتغيرة التي قد تنطوي على تعديلات في استراتيجية الشركة أو أهدافها أو أسواقها أو نماذج أعمالها أو منتجاتها أو خدماتها أو ممارساتها أو تقنياتها. ويمكن النظر إلى فجوات المهارات الهيكلية على أنها عدم قدرة القوى العاملة الحالية على اللحاق بالمهارات الجديدة أو الموسعة التي تتطلبها الاتجاهات الاستراتيجية البديلة المرتبطة بتجديد الكفاءات.
إن تعقيد وغموض بيئات العمل المتغيرة يجعل من الصعب على مدراء الشركات تحديد مدى كفاية الموارد البشرية الحالية بالمقارنة مع الكوادر المطلوب تواجدها لتحقيق المستهدفات الحالية والمستقبلية للشركات.
فجوات المهارات في المراحل الانتقالية:
وهذه هي فجوات المهارات التي تعزى إلى بداية العلاقة بين الموظف وأرباب العمل سواء كان ذلك في مراحل ما بعد التوظيف، أو في مراحل الاندماج بين الشركات. وقد يكون من المحتمل أن تنخفض فجوات المهارات في المراحل الانتقالية بشرط إكمال الموظفين فترة التجربة بنجاح وتوطيد أقدامهم في مهامهم الوظيفية الجديدة.