اجتمعت غرفة تجارة وصناعة أبوظبي مع الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة تحسين للاستشارات، ويزلي شوالييه، لمناقشة دور الشركات الصغيرة والمتوسطة في مسيرة التنمية في أبوظبي والمنطقة.

غرفة تجارة وصناعة أبوظبي: كيف تنظرون إلى أهمية الدور الذي تلعبه الشركات الصغيرة والمتوسطة في تنمية الاقتصاد المستدام؟

ويزلي شوالييه: الشركات الصغيرة والمتوسطة تمثل عصب الحياة لإقتصاديات المنطقة. لذا من المستحيل أن نتحدث عن الهيكل الصناعي للعالم العربي بمعزل عن التنمية المستدامة. وقد أجرت تحسين للاستشارات دراسة في عام 2012 أظهرت أنه إذا تم تطبيق تعريف الاتحاد الأوروبي للمؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة على المنطقة، سنجد أن هذه الشركات تمثل 92٪ من المؤسسات العاملة في المنطقة العربية بدايةً بالشركات متناهية الصغر التي توظف عشرة موظفين وتشكل 25٪، مروراً بالشركات الصغيرة التي يعمل بها عدد من الموظفين يتراوح بين 10 إلى 49 موظفًا وتشكل نسبة 44٪ من عدد الشركات العاملة في المنطقة، ووصولاً إلى الشركات متوسطة الحجم التي تضم ما بين 50 إلى 250 موظفًا وتشكل 23٪ من اجمالي عدد الشركات.

وإذا نظرنا إلى حجم العمالة التي توظفها هذه الشركات في جميع أنحاء المنطقة سنجد أن نسبتها تصل إلى 65٪ من الحجم الإجمالي للقوى العاملة تبعا للبلد.

في أبوظبي، تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة 95٪ من إجمالي تكوين الشركات في الإمارة حيث يعمل بها 24 ٪ من اجمالي القوى العاملة بالدولة؛ بينما في دبي تشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة 95٪ الشركات العاملة بالإمارة وتوظف 42٪ من القوى العاملة في الدولة. وعلى المستوى الوطني، تشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة 94٪ من إجمالي عدد الشركات وتوظف 86٪ من القوى العاملة في الدولة.

غرفة تجارة وصناعة أبوظبي: ما هي القطاعات التي ستستفيد على نحوٍ خاص من زيادة مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة في أبوظبي؟

ويزلي شوالييه: الشركات الصغيرة والمتوسطة هي المُحرك الرئيسي للإقتصاد، وطبقاً لصندوق خليفة فإن هذه الشركات تشكل ما يزيد على 94% من إجمالي عدد الشركات العاملة في الدولة موزعة بنسبة 73% في قطاع تجارة الجملة والتجزئة، و16% في قطاع الخدمات، و11% في قطاع الصناعة. وتبين الدراسات المسحية في مجال مراقبة ريادة المشاريع العالمية أن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها أحد أقل معدلات نشاط ريادة الأعمال في الاقتصادات القائمة على الابتكار، وأن 2.3٪ فقط من المشاريع الجديدة هي مشروعات متوسطة أو عالية التكنولوجيا. ومن هذا المنطلق فإن التكنولوجيا تمثل قطاعاً أساسياً للنمو المحتمل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم.

ومن المهم أيضاً بالنسبة لأبوظبي تعزيز تأسيس مثل هذه الشركات في القطاعات ذات الأولوية التي تم إبرازها في رؤية أبوظبي 2030. هناك برامج مهمة يتم تنفيذها على المستوى المحلي في عددِ من إمارات الدولة تضطلع بها الشركات الكبرى في القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية من خلال النهوض بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم بهدف توطين الوظائف في سلاسل الإمداد الخاصة بها.

هذه المبادرات،  التي كان قطاع البتروكيماويات من روادها، تبشر بخيرٍ عميم من ناحية بناء قاعدة قوية من الشركات الصغيرة والمتوسطة تعود بالفائدة أيضاً على الشركات الكبرى التي تتبنى هذه المبادرات، وتوسع مجالات عمل الشركات الصغيرة والمتوسطة خارج نطاق قطاع التجزئة التقليدي حيث أن هذا القطاع لا يمكنه توفير الوظائف المهارية ذات الأجور المرتفعة التي تطمح إليها دولة الإمارات العربية المتحدة لمواطنيها والمقيمين على أراضيها؛ فقط الصناعات القائمة على المعرفة لديها القدرة على القيام بذلك. بيد أنه لا يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة الإستمرار في الإعتماد على العمل من خلال العقود الحكومية وحدها، بل يتعين عليها أن تكون مبتكرة وتنافسية على المستوى العالمي.

غرفة تجارة وصناعة أبوظبي: ما الذي يمكن أن يشجع المزيد من الشركات الصغيرة والمتوسطة للعمل من العاصمة؟

ويزلي شوالييه: العديد من عملاء شركة تحسين للاستشارات عبروا عن اهتمامهم بالتجربة الحالية لجمهورية تشيلي في تنفيذها لمشروعها الوطني الطموح المعروف بإسم «مبادرة تشيلي للشركات الناشئة». وهذه المبادرة تقوم على مسرّعات أعمال تقدمها الحكومة التشيلية لرواد المشاريع الصغيرة والمتوسطة الواعدة من أجل مساعدتهم في البدء في تشغيل شركاتهم الناشئة والانطلاق من جمهورية تشيلي كأساس لأعمالهم، وهو مشابه لمبادرة «مسرعات دبي المستقبل» ولكن على نطاقٍ أوسع. وحتى الآن.

تم ضخ استثمارات بقيمة 40 مليون دولار في إطار «مبادرة تشيلي للشركات الناشئة» استفاد منها 1309مشروعاً ناشئاً.

لقد أضحت هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات قيمة سوقية كبيرة تقدر بمليار وثلاثمئة مليون دولار أمريكي، ونجحت في تحقيق أكثر من خمسين بالمئة من مستهدفاتها، واستطاعت توفير 5162 وظيفة على مستوى العالم. والواقع أن جمهورية تشيلي تمكنت من تحقيق عوائد كبيرة على استثماراتها وصلت الى نسبة 34 بالمئة في الوقت الذي رسخت فيه مكانتها كمركز عالمي للشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة. ونأمل أن نرى مبادرات لمسرعات الأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي على غرار المبادرة الناجحة لجمهورية تشيلي. لذا فإن برامج مسرعات الأعمال الوطنية وتوطين سلاسل الإمداد هي استراتيجيات رئيسية يمكن أن تساعد في جذب الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى أبوظبي ووضعها كمركز عالمي للشركات الناشئة.  كما يجب حل العقبات البيروقراطية ورفع الحواجز التي تحول دون تشغيل الشركات الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات . لذا فإن برامج مسرعات الأعمال الوطنية وتوطين سلاسل الإمداد هي استراتيجيات رئيسية يمكن أن تساعد في جذب الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى أبوظبي ووضعها كمركز عالمي للشركات الناشئة.

كما يجب حل العقبات البيروقراطية ورفع الحواجز التي تحول دون تشغيل الشركات الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات العربية المتحدة. ومن الجدير بالذكر أنه لا يكفي لقياس التقدم المحرز الاعتماد على تصنيفات البنك الدولي لممارسة الأعمال التجارية حيث أن بعضها ليس دقيقاً من الناحية المنهجية.

الجانب المهم هو أن ننظر إلى العمليات التيالتي تدفعها الشركات في دولة الإمارات العربية المتحدة مقابل الإنترنت حيث يبلغ متوسط سعر سرعة التنزيل لكل ميغا بايت 18 دولارًا تقريباً، لذا نجد أن الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات تدفع نحو خمسة أضعاف سعر انترنت النطاق العريض بالمقارنة بالدول الرائدة في سهولة ممارسة الأعمال التجارية طبقاً لتصنيف البنك الدولي.