انّ دعم ريادة الأعمال التكنولوجية هو أحد الحلول التي يمكن تطبيقها، ولكن لا ينبغي له أن يكون الحل الوحيد.

  • إن القضية الرئيسية التي ينبغي أن نجد لها حلاً هي كيفية دعم الشركات الناشئة والصغيرة ومتوسطة الحجم التي تعمل في غير قطاع التكنولوجيا، والتي هي بأمس الحاجة للدعم حيث أنها جميعاً تعاني من الضعف في بداياتها.

الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة تحسين للإستشارات، «ويزلي شوالييه»، يتحدث في هذه المقابلة الوجيزة مع احدى المطبوعات الرائدة حول كيفية دعم الحكومات العربية للشركات الناشئة والشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم بشكلٍ أفضل. ومع اشتداد المنافسة بين عدة عواصم عربية تتنافس حول من ستكون مركزاً لريادة الأعمال في العالم العربي، برزت تحديات كبيرة، حيث أن سياسات الاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال لاتزال دون المستوى المطلوب وتمثل عقبة أمام نمو هذا القطاع.   

سؤال: بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد تغيرًا هائلاً في الوقت الحالي - هل أنت متفائل أم متشائم ولماذا؟

ويزلي شوالييه: أنا متفائل بشأن الاتجاه الذي تتخذه حركات التطوير في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم الإقليمية، ومنظومات ريادة الأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة ككل. منذ العام 1997، عندما شهدنا للمرة الأولى بلداناً مثل الأردن والمغرب وتونس ومصر تستند إلى تحولات اقتصادية قائمة على المعرفة في خططها التنموية، أصبحت ريادة الأعمال هدفاً ذا أولوية لدى الحكومات في جميع أنحاء العالم العربي.

هذه الدفعة الأولية لإعادة تنشيط وإعطاء الزخم لمنظومة ريادة الأعمال في المنطقة ركزت على المؤسسات والسياسات والبرامج الجديدة لتنمية ثقافة استثمار رأس المال المخاطر، وتسهيل الوصول إلى التمويل، وتطبيق قواعد تنظيمية أفضل، وتمكين الشركات الناشئة والشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم من الوصول إلى الأسواق الدولية.

والآن، في عام 2018، بدأنا نجني  ثمار هذه الرؤية المستقبلية. فها نحن نشهد شركات عالمية معروفة تقوم بعمليات اندماج مع واستحواذ على شركات ناشئة في منطقتنا، مع زيادة الاهتمام الدولي بالأسواق  المالية الإقليمية.كما يجري احتضان الشركات الناشئة المتميزة، فيما نشهد اهتمامًا ملحوظًا بالأسواق الإقليمية من شركات التكنولوجيا العالمية، وفي المقابل نلاحظ وجود ثغرات تاريخية حرجة في منظومة ريادة الأعمال، مثل غياب رأس المال المخاطر والوصول إلى مرحلة التشبع. ومن البديهي أن يختلف المشهد بحسب البلد الذي يتواجد فيه المرء، لكن هناك قناعة سائدة بين الناس بأن الفرصة الآن سانحة لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

سؤال: ما الدور المنوط بقطاع ريادة الأعمال في معالجة التحديات التي تواجه المنطقة؟

ويزلي شوالييه: على مدى العقدين الماضيين، نظرت حكومات المنطقة إلى ريادة الأعمال على أنها أداة تمكن الاقتصادات القائمة على المعرفة، وتزيد معدلات الانتاجية، وترتقي بالمنافسة التجارية. ولهذا السبب، يجب إعطاء الأولوية لتنمية قطاع ريادة الأعمال كأحد أولويات سياسات التنمية الاقتصادية الرئيسية في جميع الدول العربية. وتمتلك العديد من الاقتصادات العربية أفضل ما يمكن وصفه بأنه اقتصاديات «البازار» مع تواجد شرائح مهمة من الشركات الناشئة والشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم في القطاعات الاقتصادية التقليدية.

لذا فإن وجود منظومة محكمة لريادة الأعمال هو أمر أساسي لنمو الشركات الناشئة والصغيرة ومتوسطة الحجم وازدهارها واستغلال الأفكار المبتكرة تجاريًا.

وهناك تركيز في الدول العربية على قطاع ريادة الأعمال ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة للحد من البطالة وخلق فرص العمل، لذا فإن مساعدة هذه الشركات على النمو، لتصبح شركات مربحة، من شأنهِ أن يمثل قوة دفع محركة في مجاليّ التوظيف والتنمية الاقتصادية. وفي معظم الاقتصادات العربية، توفر الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم معظم الوظائف الموجودة في القطاع الخاص تقريبًا. لذا فإن أحد الأهداف الرئيسية للعديد من الدول العربية الآن هو  إنشاء  برامج مساعدة لدعم المشاريع الناشئة في المراحل المبكرة والضعيفة التي تعقب تأسيسها لكي تنمو وتزدهر وتصبح محركات تعمل على استدامة النمو من أجل تحقيق التنمية على المدى الطويل. لذا فإن احتضان ورعاية رواد الأعمال في العالم العربي هو أمر مهم للمنطقة لخلق فرص العمل، وتحقيق التنويع الاقتصادي، وتعزيز الابتكار، وزيادة الإنتاجية في مختلف القطاعات. 

سؤال: كيف يمكن للحكومات تشجيع المواهب الشابة في قطاع ريادة الأعمال؟

ويزلي شوالييه: أود أن أقول أن أحد التصحيحات التي يحتاجها العديد من البلدان العربية في سياساتهم الخاصة بريادة الأعمال هو الابتعاد عن النظر إلى قطاع التكنولوجيا بوصفهِ القطاع الوحيد الذي يستحق الدعم.

إذا نظرنا إلى الدراسات المسحية في مجال مراقبة ريادة المشاريع العالمية وطبقناها على المنطقة، فإن 3٪ فقط من الشركات في البلدان العربية لديها نماذج أعمال قائمة على التكنولوجيا.

وعلاوة على ذلك، نلاحظ، إلى حدٍ كبير، ثبات معدل انخفاض التسرب التكنولوجي في المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم في جميع أنحاء المنطقة. لذا فإن القضية الرئيسية التي تواجهها الدول العربية الآن هي كيف ندعم نمو الشركات الناشئة والصغيرة ومتوسطة الحجم التي لا تركز على التكنولوجيا، ونخلق فرص عمل أيضاً.

كما يجب أن تركز أنماط السياسات ونوعية البرامج المعتمدة في قطاع ريادة الأعمال في منطقتنا على التأثير الهائل للاهتمام القوي من جانب أصحاب رأس المال المخاطر بقطاع التكنولوجيا. وهناك العديد من الشركات الناشئة الواعدة في منطقتنا بأمس الحاجة لدعمنا لها واهتمامنا بها، وهي بالفعل لا تتلقى أي تمويل من أصحاب رؤوس الأموال المغامرة.

وهناك حاجة ماسة إلى تحديد طرق بديلة وشاملة لتوفير الدعم لكافة الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي سيتم تأسيسها في المستقبل في منطقتنا، سواء كانت تركز على التكنولوجيا أم لا ، لأن هذه الشركات في العادة تبدأ بدايات ضعيفة رغم مساهمتها الكبيرة في مواجهة تحدي البطالة في المنطقة العربية. انّ دعم ريادة الأعمال التكنولوجية هو أحد الحلول التي يمكن تطبيقها، ولكن لا ينبغي له أن يكون الحل الوحيد.