التقى «ويزلي شوالييه»، مدير العمليات في «تحسين للاستشارات»، مؤخراً مع «أليسيا بولر» الصحفية بمطبوعة (كمبيوتر ويكلي) لمناقشة اهتمام الإمارات وبلدان مجلس التعاون الخليجي بالعملات الرقمية المشفرة.
كمبيوتر ويكلي: ما رأيكم في قرار مركز دبي للسلع المتعددة بترخيص تخزين عملة البيتكوين، والسماح بتداول العملات المشفرة؟
ويزلي شوالييه: استراتيجية الإمارات للتعاملات الرقمية (بلوك تشين) 2021 والإجراءات التجريبية الحكومية الجارية تُعَد دليلاً ملموساً على التزام دبي باحتضان تكنولوجيا التعاملات الرقمية، بيد أن هناك اجماعاً متنامياً على أن بعض حالات استخدام العملات الافتراضية المشفرة تنطوي على مخاطر.
هناك تخوف حقيقي من جانب الحكومات على مستوى العالم من أن الضجة التي تحيط بمسألة تداول العملات الرقمية المشفرة تؤدي إلى مضاربات عليها من شأنها إبطاء عمليات الابتكار في هذا المجال.
وفي الوقت الراهن فإن الحالة التي تم فيها شراء الشقق باستخدام عملة البيتكوين الرقمية كآلية دفع قد تكون غير مستساغة عند الجمهور، لذا يمكن اعتبار أن قرار تصنيف العملة الرقمية كسلعة قد جاء كنتيجة للنضج الحالي لأسواق العملات الرقمية المشفرة. كما أنه يحذو حذو الإجراءات التي وضعتها هيئة تداول السلع الآجلة بالولايات المتحدة الأمريكية في قرارها الصادر عام 2015، والذي ثبَتَّه حكم قضائي فيدرالي أوائل شهر مارس لهذا العام حيث أُعتُبِرَت العملات الرقمية كسلع يمكن تداولها.
لكن السؤال الموجه للجهات الرقابية والتنظيمية والأسواق المالية والمستثمرين هو هل سيتم تنظيم العملات الرقمية كبديل للعملة أم سيتم اعتبارها أوراقاً مالية
وتواجه دبي أيضاً ضغوطاً متزايدة من كلٍ من المملكة العربية السعودية وإمارة أبوظبي كمراكز مالية منافسة محتملة لتداول العملات الرقمية المشفرة. ويعد مركز دبي للسلع المتعددة أول سلطة منطقة حرة تقدم ترخيصًا للتجارة بالعملات الرقمية، ولكن لا يزال هناك عدم وضوح فيما يخص ترخيص تبادل العملات الرقمية عبر الإنترنت.
ويجري حالياً توسيع نطاق المعاملات التجريبية للعملات الرقمية المشفرة، لكن من المحتمل أن تواجه ضغوطاً بهدف تقنينها من خلال قواعد تضعها السلطات التنظيمية المالية المختصة.
كمبيوتر ويكلي: لقد شهدت دبي مؤخراً بيع عدد من الشقق من خلال عملة البتكوين الرقمية. هل يعد هذا في نظرك تطوراً إيجابياً. كيف ستسير الأمور؟
ويزلي شوالييه: هذا أقرب إلى الحيل الدعائية أكثر من كونه قراراً تجارياً معقولاً. وعلى الرغم من أن الدفعة الأولى المكونة من خمسين شقة قد تم بيعها إلا أن السعر المتقلب للبيتكوين أجبر المستثمرين للترويج لإيقاف الدفعة الثانية من الشقق المطروحة للبيع بالعملة الرقمية. عملية بيع الشقق حظيت باهتمام إعلامي واسع كأول مشروع من نوعهِ في العالم لشراء العقارات باستخدام عملة رقمية مشفرة. لكن من المرجح أن يمر المشترون الذين استفادوا من هذا البرنامج عندما تم الإعلان عنه في سبتمبر 2017 بحالةٍ من الشعور بالأسف أو الذنب الذي يراود المشترين بعد قيامهم بالشراء.
هذا العرض الترويجي يمثل تجربة مثيرة للإهتمام تمت على أرض الواقع تم فيها استخدام عملة رقمية مشفرة لشراء أحد الأصول المادية؛ وهي بمثابة اللبنة الأولى في بناء الثقة في العملات الرقمية كآلية للدفع.
كمبيوتر ويكلي: أطلق مركز دبي للسلع المتعددة أول منشأة في العالم مؤمّنة بالكامل وغير متصلة بشبكة الإنترنت لتخزين العملات الرقمية. برأيك، هل هذه الخدمة ضرورية؟ ما هي الخدمات الإضافية الأخرى التي تراها في إطار تراخيص العملات المشفرة مثل آلية الحصول على قيمة البيتكوين التي أشرتَ إليها؟
ويزلي شوالييه: إن الأساس المنطقي للتخزين غير المتصل بالإنترنت لعملات البيتكوين والايثريوم وغيرهما من العملات المشفرة يشبه إلى حدٍ كبير المبررات التي يسوقها مدراء البنوك لوجود خزائن تقليدية في مصارفهم. وعلى غرار الخزائن البنكية، يهدف التخزين غير المتصل بالإنترنت بشكلٍ عام إلى حماية المقتنيات الثمينة من القرصنة الإلكترونية والسرقة والكوارث الطبيعية وغيرها من التهديدات. وبالإضافة إلى التخزين غير المتصل بالإنترنت، توجد منظومة متكاملة من مزودي الخدمات الذين بدأوا بالظهور في دبي ويتضمن ذلك خبراء في حلول المحافظ الإلكترونية ومنصات التداول، اضافة إلى المستشارين الماليين والقانونيين.
كمبيوتر ويكلي: العالم منقسم حول العملات الافتراضية المشفرة. البعض يقول أن قيمتها متذبذبة للغاية، والبعض الآخر يقول أنها تساعد المحتالين. متى تصبح العملات المشفرة مقبولة ومتى يتم تقنينها؟
ويزلي شوالييه: تمر العملات الرقمية المشفرة بأزمة هوية. فمن جهة، هناك خوف كبير لدى البعض من أن تضيع عليهم فرصة الثراء من ورائها، ومن جهةٍ أخرى فإن هذه العملات لها سمعة كأداة لتعاملات خاصة ومجهولة بين شخصياتٍ مريبة؛
لذا فإن وضع لوائح تنظيمية معقولة وقابلة للتطبيق يمثل مفتاحاً لحل أزمة هوية العملات الرقمية المشفرة.
وتتغذى أزمة هوية العملات الرقمية المشفرة من خلال التصور السائد بأن شركات التكنولوجيات المبتكرة ترفض تقنين أعمالها؛ وهذا التصور ليس له أساس من الصحة. وكثيراً ما يستخدم المنظمون شماعة السلامة والأمن كذريعة لتجنب التغيير. انّ إحدى المخاطر الرئيسية في منطقتنا تتمثل في لجوء الجهات التنظيمية إلى قوالبٍ نمطية للإمتثال والإنفاذ يتم بموجبها إخضاع الإبتكار للقوانين واللوائح التنفيذية القائمة بدلاً من تطوير لوائح تنظيمية معقولة وقابلة للتطبيق.
وقد أبرزت التقنيات المبتكرة مثل تكنولوجيا نقل الركاب من خلال تطبيقات الهاتف المحمول وتداول العملات الرقمية المشفرة الجارية الآن الحاجة إلى وضع أٌطر تنظيمية للاقتصاد الرقمي في دبي طبقاً لأفضل الممارسات العالمية لترسيخ دورها كمركز عالمي رائد للتكنولوجيا في إطار استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة.
وهناك حاجة متزايدة لمزيد من مشاركة القطاع الخاص عند وضع أنظمة الاقتصاد الرقمي مثل خدمات النطاق العريض والمحتوى الإعلامي عبر الإنترنت، وخدمات نقل الركاب من خلال التطبيقات الذكية، والعملات الافتراضية المشفرة، والتراخيص الخاصة بأنشطة التجارة الإلكترونية. وسوف تستفيد دبي بشكلٍ كبير من تشكيل مجموعة استشارية تُعنَى بقطاع الاقتصاد الرقمي لتقديم الدراسات والاستشارات للحكومة وإحاطتها بأفضل الممارسات الخاصة باللوائح والأطر التنظيمية الرقمية ذات الصلة بتقنين أعمال وأنشطة شركات التكنولوجيا.
قد تعالج الحلول المؤقتة بعض التحديات على المدى القصير، لكن رؤية دبي تنطلق من كونها صرحاً تكنولوجياً عالمياً شامخاً يتجاوز تحديات الزمان، ويتفوق على المنافسة العالمية الشديدة.