اجتمعت غرفة تجارة وصناعة أبوظبي مع ويزلي شوالييه، الرئيس التنفيذي للعمليات في تحسين للإستشارات، لمناقشة الإتجاه إلى جعل الإمارات مقصداً سياحياً ترفيهياً على المستوييّن الإقليمي والعالمي من خلال الاستثمارات الكبيرة التي يجري ضخها في مدن الملاهي بالدولة.

غرفة تجارة وصناعة أبوظبي: ما هي الإضافة التي تقدمها  المنتزهات الترفيهية لقطاع السياحة في الإمارات؟

ويزلي شوالييه: في عام 2016، قدر المجلس العالمي للسفر والسياحة مساهمة قطاع السفر والسياحة في الاقتصاديات العربية بحوالي 227 مليار دولار، اضافة إلى  توظيف حوالي 6 ملايين شخص. ويعني هذا أن مساهمة قطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي تتساوى مع القطاع المصرفي، وقطاع الصناعات الكيميائية، والقطاع الزراعي، وقطاع السيارات. لذا أصبح من الواضح أن السفر والسياحة سيلعبان دوراً قوياً في تحقيق النمو الاقتصادي ورفع معدلات توظيف العمالة في العالم العربي خلال العقد القادم.

في دولة الإمارات العربية المتحدة يٌنظَر إلى قطاع السفر والسياحة بوصفهِ ركيزة أساسية في تعزيز النمو الاقتصادي وخطط التنويع.

ووفقاً للمجلس العالمي للسياحة والسفر، ساهم قطاع السفر والسياحة عام 2016 بضخ عوائد تقدر بـــــــ43 مليار دولار أمريكي في اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة.

ولهذا السبب، استثمرت دولة الإمارات بشكلٍ كبير في قطاع السفر والسياحة لتحافظ على مكانتها بين الوجهات السياحية الأكثر جذباً للزائرين القادمين للسياحة أو العمل. وتُكمِل أحدث استثمارات دولة الإمارات العربية المتحدة في مدن الملاهي الترفيهية استثمارات البلاد الكبيرة الحالية في اقامة المنتجعات والفنادق وملاعب الغولف وأماكن الجذب السياحي الأخرى ذات المستوى العالمي.

المنتزهات الترفيهية تملأ الفجوة الموجودة في تنويع وزيادة المعالم السياحية التي تجذب السواح؛ فدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تتمتع  بنظامٍ بيئي فريد، معروفة في جميع أنحاء العالم بشواطئها الساحرة وسياحة المغامرات.

وعلى مدى العقد الماضي، أُقِيمَت العديد من الفعاليات الثقافية والرياضية ومهرجانات التسوق والتي شكلت عوامل جذب سياحي فعالة؛ كما تم ضخ استثمارات كبيرة في مجال السياحة التراثية في الفترة التي تسبق معرض إكسبو 2020.

وتعد حدائق الملاهي المتخصصة بمثابة رافعة إضافية في إستراتيجية الإمارات العربية المتحدة التنافسية لجذب السياح. ومع ذلك، فقد أوضحت بعض الدراسات أن السكان المقيمين على بعد ساعة ونصف أو ساعتين من مواقع مدن الملاهي يشكلون ما نسبته ثمانين بالمئة من زوار تلك  المنتزهات الترفيهية.

غرفة تجارة وصناعة أبوظبي: ما هي نوعية المسافر الذي تجذبه مدن الملاهي؟

ويزلي شوالييه: يستند المستثمرون في  المنتزهات الترفيهية ومدن الملاهي في الإمارات إلى إحصائيات تقول أن ستة مليارات من البشر  يعيشون في فضاءٍ جغرافي لا يبعد عن الإمارات أكثر من ثمان ساعات من السفر بالطائرة. والواقع أنّ حركة المسافرين في مطارات دبي وأبو ظبي مجتمعة تبلغ نحو 100 مليون مسافر. والفكرة تكمن في تحويل هؤلاء المسافرين إلى زوار لمدن الملاهي الترفيهية في المدينتين.

واستنادًا إلى أهم الأسواق المصدرة للسياح الذين يزورون دولة الإمارات العربية المتحدة، من المرجح أن تجتذب مدن الملاهي المسافرين من جمهورية الهند والمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة وسلطنة عمان وجمهورية باكستان الإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية وجمهورية إيران الإسلامية وجمهورية ألمانيا ودولة الكويت.

ومع ذلك ، لا يزال من غير الواضح كيف يمكن أن تتطور  المنتزهات الترفيهية ومدن الملاهي الإماراتية في نهاية المطاف؛ فنحن نجد مجموعات من حدائق الملاهي في ولايات أمريكية مثل فلوريدا وكاليفورنيا على سبيل المثال استطاعت ترسيخ مكانتها كوجهات سياحية على مدار السنة حيث نجحت في جذب الزوار المحليين والأجانب من الشرائح المستعدة للسفر لمسافاتٍ بعيدة لتمضية فترات طويلة في تلك  المنتزهات السياحية.

وفي هذا السياق، فإن معدل بقاء السياح في ولاية فلوريدا الأمريكية، على سبيل المثال، يزيد عن 10 أيام مقابل متوسط إقامة يبلغ 4 أيام تقريبًا للسياح الذين يزورون الإمارات.

لذلك من غير الواضح ما إذا كان سوق  المنتزهات الترفيهية في الإمارات سيتطور بشكلٍ مماثل للنماذج الناجحة في كاليفورنيا وفلوريدا أو إذا كان سيتطور بشكلٍ أكثر قرباً من أسواق الملاهي الأوروبية أو الآسيوية التي غالباً ما يمضي السواح فيها فترات اقامة أقصر بكثير وتغطي إلى حدٍ كبير أسواقاً جغرافية أقرب.

غرفة تجارة وصناعة أبوظبي: ماهي المصروفات الجانبية التي ينفقها المسافرون؟

ويزلي شوالييه: استناداً إلى أنماط إنفاق الزائرين والسياح على مستوى العالم، سينفق السياح والزوار بشكلٍ كبير على التسوق ومشاهدة المعالم السياحية وتناول الطعام والأنشطة الترفيهية الأخرى إلى جانب إنفاقهم المباشر على الإقامة في الفنادق والشقق الفندقية، والتنقلات، والترفيه.

ويمكن تحقيق مكاسب ذات صلة بأوجه الإنفاق غير المباشر للسياح والزائرين قد تكون على درجةٍ كبيرة من الأهمية وربما أكثر أهمية من المساهمة المباشرة لقطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يعني أن زيادة عدد الليالي السياحية والإشغال الفندقي يجب أن تمثل أولويةً رئيسيةً لدى السلطات والأطراف المعنية بقطاع الترويج والتسويق السياحي.

غرفة تجارة وصناعة أبوظبي: كيف يمكن للإمارات الإستفادة بنوعيات حدائق الملاهي؟ ماهي أفضل أنواع مدن الملاهي؟

لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات، ستحتاج  المنتزهات الترفيهية في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الإنتقال بسرعة من الإستفادة من الزائر أو السائح لمدة سبع ساعات فقط إلى توفير عوامل الجذب التي تجعله يمضي فترة تتراوح بين سبعة إلى عشرة أيام في المدينة.

ويزلي شوالييه: ويتطلب هذا مضاعفة متوسط مدة بقاء السائحين في الإمارات العربية المتحدة. وعلى الرغم من أن وجود مجموعة كبيرة ومتنوعة من  المنتزهات الترفيهية ومواقع الجذب يعد أمرًا حيويًا لقطاع السياحة، إلا أن التحدي الرئيسي يتمثل في كيفية زيادة فترة إقامة الليلة الواحدة لمسافري الترانزيت من خلال زيادة أماكن الإقامة المناسبة في كافة قطاعات السوق.

غرفة تجارة وصناعة أبوظبي: هل تقدم حدائق الملاهي ذات العلامات التجارية العالمية، مثل حديقة ليغولاند المائية، المزيد من القيمة والإقبال؟

ويزلي شوالييه: تتبع مدن الملاهي عادةً إستراتيجيتين واسعتين لجذب العملاء: الاستفادة من المحتوى المحلي الأصلي واللجوء إلى التحالفات العالمية. في دولة الإمارات العربية المتحدة، اختارت مدن الملاهي بشكلٍ عام إستراتيجية تشكيل تحالفات عالمية لأصول الملكية الفكرية لجعل متنزهاتها الترفيهية تجذب جمهوراً عالمياً على نطاقٍ واسع.

الدراسات التجريبية لتأثير تصنيفات حدائق الملاهي إلى حدائق ألعاب مائية أو حدائق جوراسية أو ألعاب ترفيهية عصرية أو حدائق مغامرات أوضحت أن تلك التصنيفات ليست بنفس أهمية عوامل الجذب عندما يتعلق الأمر بأسعار  الدخول أو زيادة معدلات اقبال الجمهور على مدن الملاهي.

لذلك لا يوجد دليل قاطع على أن العلامات التجارية الدولية هي بمثابة التذكرة الذهبية لتحقيق النجاح.

ومع ذلك، أصبح المستهلكون أكثر وعيًا في الكثير من دول العالم؛ لذا نجد أن أسواق الملاهي الأخرى المتسارعة التطور مثل تلك الموجودة في الصين افتتحت أكثر من 20 مدينة ترفيهية في السنوات القليلة الماضية واتبعت نهجًا تجاريًا دوليًا مشابهًا لمدن الملاهي في الإمارات.

غرفة تجارة وصناعة أبوظبي: كيف سيكون شكل حدائق الملاهي في المستقبل؟

ويزلي شوالييه: تتطور صناعة مدن الملاهي، كغيرها من القطاعات الأخرى، وفقاً للظروف الاقتصادية والمنافسة العالمية والتطورات الاجتماعية السياسية والتطورات التكنولوجية. هناك دراسة مثيرة للاهتمام أجريت مؤخرا حول  100 من مدن الملاهي الرائدة اشتملت على تصورات لمستقبل هذا القطاع.

وقد اشتملت بعض الأفكار التي تبلورت في هذه الدراسة على تصنيفات مستقبلية لمدن الملاهي مثل ملاهي المغامرات التفاعلية، والخيال والغموض، والأفلام والبرامج التلفزيونية، والخيال العلمي، والفضاء.  

حدائق الملاهي تعتبر العائلة سوقها الذي تستهدفه بشكلٍ دائم، لكن سيكون هناك اهتماماً بالتميز التشغيلي مثل تقليل أوقات انتظار الجمهور واللجوء إلى خيار التسعير الديناميكي المتحرك، وهذه ستمثل نقاطاً رئيسية للتميز في المستقبل، كما أن زوار الملاهي سيطالبون بمزيد من الألعاب التفاعلية.

لذا، سيتعين على حدائق الملاهي أن تقدم حزمةً متكاملةً من عروضِ العطلات تشمل توفير الإقامة للسائحين في منشآت فندقية تابعةً لها،  وتقديم خدمات الطعام والتسوق والأنشطة الترفيهية والخدمات السياحية الأخرى، وقد بدأنا نرى بالفعل مثل هذه العروض السياحية.