لاشك أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدان مجلس التعاون الخليجي تتأثر بشدة بسبب نقص تمثيل القوى العاملة من النساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في هذه الدول مقارنةً بنظرائهن من الرجال على الرغم من التوجه الرسمي نحو تعزيز وزيادة مشاركة المرأة في كافة مجالات التنمية الاقتصادية وفي المجالات التقنية والمهنية، والتوجهات الحكومية في سياسات التعليم والتوظيف الوطنية نحو التأكيد على الدور الهام الذي تلعبه المرأة الخليجية وتشجعيها على المزيد من المشاركة في كافة مجالات التنمية الوطنية. المحصلة حتى الآن دون المطلوب؛ فما الذي ينبغي عمله في هذا الاتجاه؟

تواجه بلدان مجلس التعاون الخليجي تحديات مماثلة في التحول نحو الاقتصادات القائمة على المعرفة، فهي لا تزال تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الموارد الطبيعية، وتوظف أعدادًا كبيرة من مواطنيها في القطاعات والمؤسسات والشركات التابعة للقطاع العام ، بينما لاتزال تعتمد على العمال الأجانب لشغل الوظائف المتاحة في القطاع الخاص. ومع أنه يوجد طلب مرتفع جداً على الأيدي العاملة الماهرة من جانب القطاعين العام والخاص في بلدان دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أنه من المتعارف عليه تقليدياً أن غالبية تلك الوظائف يشغلها عمال مهرة من جنسيات أجنبية مختلفة. ومع ذلك، فإن إيجاد المزيد من فرص العمل في القطاع العام بهدف استيعاب الأعداد المتزايدة من الخريجين والباحثين عن العمل من مواطني بلدان مجلس التعاون الخليجي قد يجهد الميزانيات الوطنية بزيادة مخصصاتها من الأجور الحكومية المرتفعة بالفعل.

في دول مجلس التعاون الخليجي ، يواجه التعليم الفني والتدريب المهني في الوقت الحاضر أزمة هوية تتمثل في عدم قبول شرائح اجتماعية لمسميات معاهد «التعليم الفني» و«التدريب المهني»، والانطباع السائد عن تلك المعاهد ، وسمعتها الأكاديمية ، فيما تبذل دول مجلس التعاون الخليجي جهوداً كبيرة بشكلٍ خاص لتحسين وصول ومشاركة المراة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

وبينما نظرت بعض دول مجلس التعاون الخليجي، مثل المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، إلى التعليم والتدريب التقني والمهني كعنصر أساسي في السياسات التعليمية منذ سنوات طويلة ، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى ركزت اهتمامها مؤخرًا على تحسين أنظمة التعليم والتدريب الفني والمهني ، ورافق الإصلاحات التعليمية سياسات اجتماعية وتوجهات توظيفية في سوق العمل ترمي إلى توجيه المرأة العاملة الخليجية نحو مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار الناشئة. وبالرغم من ذلك فإن ارتفاع معدلات التحاق الطالبات الخليجيات بالجامعات والكليات ومؤسسات التعليم العالي، حيث تشكل الإناث الآن نسبة الأغلبية في معدلات الالتحاق في جميع دول مجلس التعاون الخليجي تقريبًا، أخفى إلى حدٍ ما التحدي الإقليمي الناشئ المتمثل في كيفية اجتذاب الخليجيات إلى برامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ودخولهن اللاحق في أسواق عمل ناشئة تتطلب قوى عاملة، من الذكور والإناث على حدٍ سواء، ذات مهارات عالية ومعرفة كثيفة.

ونظرًا لمستويات التعليم المرتفعة فيها ، فإن النساء مورد كبير غير مستغل بشكلٍ جيد لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي.

وقد أظهرت العديد من الدراسات الدولية أن زيادة مشاركة الإناث في سوق العمل لها تأثير كبير وإيجابي وهام على زيادة النمو الاقتصادي ورفع معدلات التنمية الاجتماعية. وعلى الرغم من أن مشاركة القوى العاملة النسائية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بدول مجلس التعاون الخليجي لا تزال من بين أدنى المشاركات في العالم، إلا أن هناك إمكانية لجذب الإناث المتعلمات تعليماً عالياً إلى  سوق العمل في قطاعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ذات النمو العالي على وجه الخصوص. ويتمثل أحد التحديات في دول مجلس التعاون الخليجي في أن العديد من الصناعات الناشئة التي غذت النمو وخلقت فرص عمل كبيرة في الآونة الأخيرة، بما في ذلك قطاعات البناء وتجارة الجملة والتجزئة والنقل والخدمات المالية والبتروكيماويات والقطاعات الاستخراجية، هي المجالات التي يهيمن عليها الذكور و التي تميل بشكلٍ تقليدي إلى توظيف أعداد كبيرة من العمالة الوافدة بأجورٍ منخفضة.

 

البلد

نسبة مشاركة الذكور المواطنين في سوق العمل 

نسبة مشاركة الإناث المواطنات في سوق العمل 

مملكة البحرين

68 ٪

33 ٪

دولة الكويت

61 ٪

30 ٪

سلطنة عمان*

45 ٪

20 ٪

دولة قطر

65 ٪

35 ٪

السعودية

63 ٪

16 ٪

الإمارات العربية المتحدة

58 ٪

20 ٪

منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

69 ٪

51 ٪

معدلات مشاركة النساء في سوق العمل في دول مجلس التعاون الخليجي متدنية كثيراً عن مثيلاتها في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وفي بعض الحالات، تُعَدُ من بين أدنى المعدلات في العالم.

المصدر: الهيئات الإحصائية الوطنية في البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة
ملاحظات: * استنادًا إلى السكان العاملين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 60 عامًا مع بقاء معدلات المشاركة المتبقية بناءً على الشرائح السكانية في سن العمل والذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 65 عامًا.

وتقديراً للإسهام المهم الذي يمكن أن تقدمه قوى المرأة العاملة في الاقتصادات الإقليمية، وضعت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي أهدافًا طموحة لتوسيع خيارات التعليم والعمل أمام المرأة الخليجية من خلال زيادة معدلات النساء الملتحقات ببرامج التعليم الفني والتدريب المهني، والعمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

ولا تزال النساء أقل عرضة لدراسة مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ومع ذلك ، عندما يدخلن إلى سوق العمل يتجهن إلى التركيز على المجالات التي لا تتوافق مع الطموحات الاقتصادية الوطنية المتمثلة في الانتقال إلى اقتصادات المعرفة المتنوعة. وفي حين أن الكثير من الأبحاث السابقة التي ركزت على عدم المساواة بين الجنسين في التعليم في دول مجلس التعاون الخليجي قد بحثت في الأسباب الكامنة وراء ضعف احتمالية مواصلة الذكور لدراساتهم العليا بعد حصولهم على درجة البكالوريوس، إلا أن هناك القليل من الأبحاث التي ركزت على الأسباب التي تجعل المرأة الخليجية تعزف عن التوجه إلى التخصصات العلمية والعملية لمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

لماذا قليل جدا؟ عوائق إشراك المرأة الخليجية في تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات

الأفكار الثقافية السائدة حول ما هو مناسب وما هو غير مناسب في عمل المرأة تُحِدُ من فرص التخصص في مجالات كالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات على وجه التحديد. وفي العديد من دول مجلس التعاون الخليجي، تحتاج النساء إلى الدعم من أفراد الأسرة لمواصلة دراستها العليا في الماجستير أو الدكتوراة أو الإلتحاق بإحدى الوظائف مثلاً حيث يلعب البعد الإجتماعي دوراً كبيراً في تحديد مثل هذه الاتجاهات بالنسبة للمرأة. وغالبًا ما يتم توجيه النساء من قِبل أفراد الأسرة بعيدًا عن متابعة برامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات على الرغم من اهتمامهن بها أو استعدادهن للإلتحاق بدراسة تلك التخصصات أو ممارسة الوظائف المرتبطة بها. ويعود ذلك كله إلى الأنماط والقوالب الثقافية المتأصلة حول المسارات التعليمية والوظيفية المناسبة للمرأة من منظورٍ اجتماعي بحت. وغالبًا ما يتم توجيه النساء من قِبل أفراد الأسرة بعيدًا عن متابعة برامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات على الرغم من اهتمامهن بها أو استعدادهن للإلتحاق بدراسة تلك التخصصات أو ممارسة الوظائف المرتبطة بها. ويعود ذلك كله إلى الأنماط والقوالب الثقافية المتأصلة حول المسارات التعليمية والوظيفية  المناسبة للمرأة من منظورٍ اجتماعي بحت. وفي حين أن نماذج النساء المهنيات ورائدات الأعمال اللائي تركن بصمةً قوية في مجتمعاتهن يمكن أن تقدم أمثلةً طموحة قد تؤثر على القرارات التي تتخذها المرأة بخصوص المساقات الدراسية أو نوعية الوظائف  ومن ثم قد تتحدى الأفكار الثقافية الحالية.

ولابد من الإشارة هنا إلى النماذج المضيئة للنساء اللائي تلقين تدريبات في قطاع التعليم الفني والتدريب المهني ومارسن أعمالاً في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات قد تشكل قدوةَ يُحنَذى بها للعديد من الفتيات الخليجيات تدفعهن لخوض غمار هذه التخصصات على صعيديّ الدراسة والعمل. النقص في هيئات التدريس النسائية في معاهد التعليم الفني والتكوين المهني في دول مجلس التعاون الخليجي قد يرسل أيضًا رسالةً مفادها أن مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ليست خيارات مهنية مناسبة للمرأة الخليجية أو أن النساء أقل نجاحًا في تلك التخصصات. وقد أفادت العديد من الأبحاث العلمية حول المناهج التعليمية في دول مجلس التعاون الخليجي أن الكتب المدرسية قد تحتوي على تحيزات ضمنية تصور النساء في الوظائف الإدارية بدلاً من الوظائف الفنية. وتشير هذه الأبحاث إلى أن النساء في جميع أنحاء المنطقة العربية يتم تنشئتهن اجتماعيًا للعمل في أدوارٍ اجتماعية واقتصادية مختلفة عن الذكور، وجزء من عملية التنشئة الاجتماعية هذه يحدث في المؤسسات التعليمية في مرحلةٍ عمرية مبكرة.

يجدر الإشارة إلى أن الدراسة في المرحلة الثانوية تعد فترة انتقالية حاسمة للشباب الخليجي حيث يتعين على الشاب أن يقرر ما إذا كان سيذهب إلى سوق العمل بعد التخرج بحثاً عن وظيفة بشهادة البكالوريوس أم سيستمر ويواصل دراسته العليا.

إذا، اتجاه البوصلة يتم تحديده خلال دراسة الطالب في المرحلة الثانوية وهي التي ستحدد نوعية التخصص الجامعي الذي سيلتحق به الطالب بعد تخرجه من المدرسة. ومع ذلك، تميل السياسات التعليمية التي تقوم بفرز الطلاب على أساس الدرجات إلى تعزيز المفاهيم الحالية المتمثلة في أن المسارات الأكاديمية تتفوق على المسارات المهنية.

ومن خلال عدم تقديم الخيارات التي يوفرها التعليم الفني والتدريب المهني لطالبات المرحلة الثانوية، فإن بنية المسارات الأكاديمية في دول مجلس التعاون الخليجي تساهم أيضًا في تفضيل الطالبات للبرامج غير المعتمدة على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ولهذا السبب، تظل معدلات تسجيل الإناث في معاهد التعليم الفني والتدريب المهني أقل بكثير من الذكور في دول مجلس التعاون الخليجي. وفي حين أن التوجيه المهني هو أحد الموارد المعلوماتية التي يمكن أن تساعد الفتيات على التفكير في مسارات التعليم والتوظيف الأوسع نطاقًا، إلا أن هذا التوجيه غالباً ما يركز على إرشاد الطالبات نحو الإلتحاق بتخصصات جامعية نمطية.

وهناك انطباع خاطئ مبني على المقارنة بين الجامعات والمعاهد الفنية من زاوية متطلبات الدخول أو الإلتحاق. نجد مثلاً أن الجامعات تضع سقفاً أعلى من المعاهد الفنية أمام راغبي الإلتحاق مما يغذي تصورات خاطئة أن مسارات أكاديمية معينة تحمل مكانةً اجتماعية أعلى.  ومع أن دول مجلس التعاون الخليجي أسست هيئات للمنح الدراسية أطلقت برامج طموحة لرعاية الطلاب وتوفير الدراسة المجانية لهم أو الدراسة من خلال منح دراسية، إلا أن العديد من هذه البرامج تسهم في إدامة الوضع القائم في أسواق التوظيف حيث نجد الخريجات يتجهن للوظائف الكتابية والإدارية ويفضلونها عن العمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

وعلى مستوى التعليم العالي، تُظهِر إحصائيات القبول الجامعي أن الطالبات يتجهن  إلى دراسة تخصصات مثل التمريض والتعليم والآداب والعلوم الاجتماعية بدلاً من المجالات التقنية أو العلمية. وفي حين تلعب العوامل الاجتماعية والثقافية وتأثير الوالدين دورًا في اختيارات الطلاب للتخصص، يمكن لسياسات التعليم العالي في دول مجلس التعاون الخليجي أن تحد أيضاً من خيارات الطالبات الدراسية. وتعاني العديد من دول مجلس التعاون الخليجي، لا سيما في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الناشئة، من متطلبات شديدة الصرامة في التراخيص والاعتماد الأكاديمي لهذه البرامج، اضافة إلى فرض  معايير للجودة غير واضحة. وبينما تتبع أقسام الترخيص والاعتماد بشكلٍ عام وزارات التربية والتعليم في دول المجلس، نجد أن أن هناك ثغرات تنظيمية في مجال التعليم الفني والتدريب المهني على صعيد هيئات الجودة الوطنية على مستوى الدول أو الهيئات التنظيمية المختصة بهذا المجال التعليمي. على سبيل المثال، في العديد من البلدان، لا تخضع المؤسسات الخاصة للتنظيم الكافي.

و يؤدي عدم وجود معايير واضحة للترخيص والاعتماد إلى تقويض مفاهيم الجودة العامة لدى مؤسسات التعليم والتدريب الفني والمهني.

ولتحسين مستويات الجودة ومواءمة معايير المناهج مع المعايير الدولية، أدخلت العديد من البلدان إصلاحات على أنظمة الإعتماد الأكاديمي. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي تعدد الجهات المشاركة في إصدار تراخيص الإعتماد في أغلب الأحوال إلى تداخل السلطات والبيئات التنظيمية المعقدة بين تلك المؤسسات مما يخلق نوعاً من البلبلة وعدم وضوح الرؤية عند قطاعات عريضة من الدارسين المحتملين وأولياء أمورهم فيما يتعلق بقيمة وفرص العمل المرتبطة بالحصول على مؤهلات دراسية في تخصصاتٍ معينة.

التخصص

دولة الكويت

دولة الإمارات العربية المتحدة

دولة قطر

 

النسبة المئوية لإجمالي الطالبات الملتحقات

النسبة المئوية لإجمالي الطالبات الملتحقات

النسبة المئوية لإجمالي الطالبات الملتحقات

الأداب والعلوم

28 ٪

19 ٪

48 ٪

التربية

27 ٪

3 ٪

4 ٪

الاقتصاد وإدارة الأعمال

15 ٪

11 ٪

23 ٪

الحقوق

9 ٪

3 ٪

6 ٪

الزراعة وعلوم التغذية

0 ٪

3 ٪

البيانات غير متوفرة

الهندسة

17 ٪

7 ٪

15 ٪

الطب والعلوم الصحية

3 ٪

2 ٪

4 ٪

تكنولوجيا المعلومات

البيانات غير متوفرة

2 ٪

البيانات غير متوفرة

أنماط الإلتحاق بالكليات والجامعات الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي تُظهِر تركيزاً قوياً للطالبات في التخصصات الأدبية والتربوية وإدارة الأعمال بدلاً من مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ذات الأهمية البالغة للتنمية الاقتصادية القائمة على المعرفة.

المصدر: الإدارات المركزية للإحصاء في كلٍ من دولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر.

ملاحظة: يتم تقديم البيانات فقط للبلدان التي لديها بيانات وأرقام إحصائية متاحة للجمهور. 

ما الذي يعوق النساء؟ حواجز توظيف الإناث في دول مجلس التعاون الخليجي في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات

كشفت مجموعة كبيرة من البحوث الإقليمية أن المعتقدات الاجتماعية والثقافية حول عمل المرأة تشجع النساء على شغل مناصب مهنية وإدارية في القطاعات الحكومية. ومن المرجح أن تعتبر الوظائف التي لا تتناسب مع هذا العرف المجتمعي غير مناسبة للمرأة. وبشكلٍ عام، تُعتبر المناصب المهنية والإدارية في القطاع العام ذات مكانة مرموقة في الدول الخليجية مما يعني أن النساء المهتمات بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات من المرجح أن يتعرضن لضغوط اجتماعية سلبية لتجنب العمل في مثل هذه الوظائف لصالح أدوار في القطاع العام والشركات المملوكة للدولة تحظى بقبولٍ واسع في الأوساط الاجتماعية. وبالإضافة إلى اقتصار عمل النساء على وظائف معينة في عددٍ من القطاعات الحكومية المنتقاة، فإن النساء أقل عرضة للعمل في الوظائف الإدارية العليا. وفي بعض دول مجلس التعاون الخليجي، يفرض الفصل بين الجنسين في بعض الأعمال متطلبات وشروطاً محددة على أرباب العمل الذين غالباً ما يكونون غير راغبين أو غير قادرين على توفير مرافق منفصلة للموظفات والعاملات. وبسبب انتشار الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في دول مجلس التعاون الخليجي، يفتقر العديد من أصحاب العمل إلى الموارد اللازمة لتوفير التسهيلات التي يتطلبها الفصل المهني بين الموظفات والموظفين.
وبهذه الطريقة، يمكن للفصل بين الجنسين أن يديم تجزئة سوق العمل عن طريق تقليل عدد الوظائف المتاحة للمرأة في القطاعات الاقتصادية الناشئة.

وتواجه النساء أيضًا صعوبات في العثور على عمل بسبب ميزات سوق العمل الهيكلية التي تحد من المجالات التي يمكنهن الدخول إليها. وفي حين أن الاتجاه العام للتنمية الاقتصادية القائمة على المعرفة موضح في الوثائق الإستراتيجية على المستوى الوطني في العديد من الدول العربية، إلا أن هذه الوثائق أقل دقة عندما يتعلق الأمر بوظائف محددة في المجالات القائمة على المعرفة والتي قد تنشأ مع تطور الاقتصادات العربية.

وفي كثيرٍ من الحالات، يؤدي الهيكل الصناعي الناشيء والمتنامي بوتيرةٍ سريعة في بلدان مجلس التعاون الخليجي ، إضافة إلى قيود التخطيط الاقتصادي، إلى نقص في مؤشرات الطلب في سوق العمل وهو ما يؤدي بدورهِ إلى نقصٍ واسع وفجواتٍ في المهارات المتوفرة في أسواق التوظيف بدول مجلس التعاون الخليجي. وفي معظم دول مجلس التعاون الخليجي، تظل الصناعات الاستخراجية هي القطاع الاقتصادي الرئيسي. ومع ذلك، نجد أن قطاع الصناعات الاستخراجية يشتمل على مجالاتٍ تسيطر عليها القوى العاملة من شريحة الذكور بشكلٍ كبير بينما تجتذب القليل من النساء للعمل فيها. وبالإضافة إلى ماسبق، تشجع النسب المئوية المرتفعة من الذكور الأجانب في القوى العاملة في القطاع الخاص النساء على البحث عن عملٍ مقبول ثقافياً واجتماعياً في المجالات التي تضم عدداً أكبر من النساء العاملات في بيئات عمل جنسانية تفصل بين الذكور والإناث مثل قطاع المدارس الحكومية.

جاذبية التوظيف في القطاع العام هي عامل رئيسي وراء عدم رغبة المرأة في العمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بسبب الرواتب الحكومية المرتفعة علاوة على المزايا الأخرى حيث أن هذه الوظائف لا تتطلب مجهوداً بدنياً، وتوفر حزماً أكثر اغراءاً من تلك التي يقدمها القطاع الخاص.

كما أن  التركيز العالي للإناث في القطاع العام يجعل من الصعب عليهن دخول القطاع الخاص ومجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الأكثر تنوعًا لأن المستويات العالية من التكتل النسائي المشار إليه تعزز الآراء الاجتماعية التي تفيد بأن القطاع العام هو صاحب العمل الوحيد المناسب للإناث.

وتشير البحوث الناشئة أيضًا إلى أن المرأة تواجه تحديات أكبر بكثير في تأمين فرص العمل مقارنة بالرجال مما يجعلها تبحث عن الأمن الوظيفي في القطاع العام. وتواجه المرأة صعوبة أكبر في العثور على أول وظيفة بعد التخرج حيث أظهرت الدراسات أن النساء عمومًا يستخدمن عددًا قليلاً جدًا من المنصات غير الحكومية في البحث عن وظائف. إن الصعوبة التي تواجهها المرأة في الانتقال إلى سوق العمل، وبين الوظائف  المختلفة، تجعلها أكثر عرضة للإحباط مما يدفعها إما إلى الخروج الطوعي من سوق العمل أو الإحتفاظ بوظيفتها الحكومية.

البلد

نسبة الإناث العاملات في القطاع العام

نسبة الإناث العاملات في القطاع الخاص

مملكة البحرين

50 ٪

50 ٪

دولة الكويت*

94 ٪

6 ٪

سلطنة عمان

65 ٪

35 ٪

دولة قطر

88 ٪

12 ٪

المملكة العربية السعودية

63 ٪

37 ٪

دولة الإمارات العربية المتحدة

89 ٪

11 ٪

تعمل المواطنات الخليجيات بشكلٍ عام في القطاع العام والشركات المملوكة للحكومة.

المصادر: الإدارات المركزية للإحصاءات في مملكة البحرين ودولة الكويت وسلطنة عمان ودولة قطر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

ملاحظة: * تشير بعض الدراسات إلى أن 79٪ من الإناث كن يعملن في القطاع العام في عام 2010. ومع ذلك، لا يتوفر مصدر بيانات نهائي متاح للجمهور.

على الرغم من إدخال تعديلات على قوانين الأحوال الشخصية مؤخراً في العديد من دول مجلس التعاون الخليجي، تُمنَع النساء أيضًا من دخول مجالات عملٍ معينة؛ فالأزواج والأباء يلعبون دوراً هاماً في اتخاذ قرارات بشأن خيارات زوجاتهم و بناتهم للعمل خارج المنزل مما يعني أن بعض النساء اللائي قد يرغبن في ممارسة مهنة في تخصصات االعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات قد يُمنعنَ من القيام بذلك.

يمكن أن يكون عمل المرأة مقتصراً على مجالاتٍ معينة محدودة بسبب اللغة المبهمة في قوانين العمل الوطنية. وبالنظر إلى أن جميع دول مجلس التعاون الخليجي قد تبنت سياسات توطين الوظائف لتوفير وظائف لمواطنيها في القوى العاملة في الخليج وتحديداً في مهن القطاع الخاص الحاسمة؛ حيث استهدفت مبادرات التوطين، منذ إقرارها، القطاعات التي يهيمن عليها الذكور بشكلٍ تقليدي مثل قطاع النفط والغاز. ومع التسليم بأن مبادرات التوطين لديها القدرة على فتح أفاق واسعة أمام توظيف الإناث، فقد لا يكون لها الأثر المقصود إذا لم تركز جهود التوطين على الصناعات التي من المحتمل أن تدخلها المرأة.

ما يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي القيام به

لابد من التركيز على مجموعة متنوعة من نظم التعليم والتدريب الوطني ومجالات التوظيف، والعمل على معالجة التحديات الفردية من أجل إحراز تقدم ملحوظ في الجهود الرامية إلى زيادة التحاق وتوظيف المرأة الخليجية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

التغلب على السياسات والخطط والتحديات المنهجية لضمان تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء في قطاع التعليم الفني والتدريب المهني

ومن أجل توفير مستويات كافية من مشاركة الكوادر النسائية المدربة والماهرة، كماً وكيفاً، في أسواق العمل، يجب أن توفر أنظمة التعليم والتدريب الوطنية للإناث مسارات تقنية يمكن الوصول إليها تستجيب للمعايير الاجتماعية الثقافية المتطورة والمتعلقة بمشاركة الإناث في سوق العمل والتوظيف في المجالات التقنية. وتعود أسباب قلة المشاركة النسائية في المجالات العلمية والتكنولوجية والهندسية وتخصصات الرياضيات في العديد من دول مجلس التعاون الخليجي إلى النقص في مقدمي الخدمات التي تستهدف النساء بشكلٍ محدد والقرارات الحكومية والمؤسسية لتقديم برامج مختارة للنساء اللائي يعزفن عن التخصص في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الناشئة ذات الأهمية للصناعات القائمة على المعرفة في المنطقة العربية.

في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي ، بعض تخصصات العمل التكنولوجية والهندسية ليست مفتوحة أمام النساء، بما في ذلك العديد من التخصصات الفرعية الهندسية المتقدمة اللازمة للتطوير الإقليمي. ولا تعني معالجة توفير برامج التعليم والتدريب المهني والتقني زيادة عدد الخيارات المتاحة للنساء فحسب ، بل ضمان أيضًا توفير بيئة مؤسسية تشجع عمل المرأة وتقدم لها كافة المحفزات الوظيفية. 

رفع معدلات تسجيل الطالبات في التخصصات العلمية والتكنولوجية والهندسية وتخصصات الرياضيات

بينما تدرس العديد من الطالبات من دول مجلس التعاون الخليجي مساقات التعليم والتدريب الفني والمهني في مرحلة ما بعد الثانوية العامة، وجدت العديد من الدراسات أن بعض مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في جميع أنحاء المنطقة يُنظر إليها كثاني أفضل خيار أمام الطالبات. ومن أجل زيادة عدد الإناث اللائي يدرسن في برامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات على المستويين الثانوي والجامعي، يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي وضع إصلاحات تزيد الطلب على التعليم التقني والمهني من خلال معالجة الحواجز الاجتماعية والثقافية التي تقف حجر عثرة أمام أمام التحاق الطالبات بتلك التخصصات.

وتشمل معالجة هذه العوائق تدخلات وسياسات تؤثر بشكلٍ إيجابي على الصورة الذهنية الشائعة حول نوعية الطلاب الذين يلتحقون بالمعاهد الفنية والفرص الوظيفية المتاحة لهم بعد التخرج. ويجب أن تركز الإصلاحات على إدارة المعلومات وتحسين السمعة الأكاديمية لتلك المعاهد؛ وهو الأمر الذي من شأنهِ زيادة معدلات التحاق الطالبات الخليجيات بالدراسات التكنولوجية والهندسية وتشجيعهن على الابتكار وتغيير الانطباع النمطي السائد في الأوساط المجتمعية.

تشجيع النساء على العمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات

تعتبر سهولة الدخول وسياسات التوظيف والسياسات الاجتماعية الفعالة وتوفير أماكن العمل الملائمة للإناث من الأمور الحاسمة في اجتذاب الخريجات المدرَّبات من أنظمة التعليم والتدريب الوطنية إلى التوظيف في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وكما هو الحال بالنسبة لقرارات التسجيل في البرامج التقنية، فإن تشجيع النساء على العمل في المجالات الفنية يتطلب تحفيز وتوفير المعلومات الكافية للطالبات لتحفيز اختيارات معينة في أسواق التوظيف. وتتنوع العوائق التي تحول دون توظيف الإناث وتشمل قضايا مثل الأعباء والمسؤوليات الأسرية ، وتفضيلات الإناث لبيئات عمل معينة ، والتوقعات المتعلقة بأنواع الوظائف التي تقدم مزايا وحوافز ومرتبات عالية. ومن المرجح أن تتضمن الإصلاحات الفعالة سياسات هيكلية لسوق العمل تجعل الوظائف الفنية والعمل في شركات القطاع الخاص خيارات مرغوبة أكثر.

قيام الشركات بزيادة الطلب على توظيف الخريجات من ذوات المؤهلات والمهارات التقنية

رفع معدلات توظيف الخريجات في المجالات الفنية يتطلب من أرباب العمل زيادة طلب الشركات على العمالة النسائية على نحوٍ يغير من بوصلة تفضيلهن العمل في الدوائر الحكومية والقطاع العام. وفي هذا السياق ، يجب أن تلعب الشركات العاملة في القطاع الخاص دوراً هاماً في تشجيع المرأة على العمل في الشركات غير الحكومية.

ويمثل الدور المنتظر أن يلعبه القطاع الخاص حجر الزاوية في توظيف المرأة العاملة. ويجب أن تكون الشركات مقتنعة بهذا التوجه السليم على الرغم من أن بعض أصحاب الأعمال في المنطقة العربية ينظرون إلى الموظفات والعاملات لديهن على أنهن أكثر تكلفة ويتطلبن أماكن عمل خاصة بهن. وقد أثبتت التجارب التي أُجريت على سياسات التدريب وبرامج دعم الأجور في العديد من دول مجلس التعاون الخليجي على أنها محفزة لشركات القطاع الخاص لتوظيف المزيد من القوى العاملة النسائية.