على الرغم من أن بعض المؤسسات العربية لديها الإمكانات والأدوات التي تؤهلها للتأكد من فاعلية برامج توظيف الطلاب في مرحلة ما بعد التخرج، إلا أن غالبية هذه المؤسسات تفتقر إلى العمليات الإحترافية الكافية لرصد وقياس كفاءة وفعالية وملائمة الخدمات المُقَدَمة.

وقد استضافت شركة تحسين للاستشارات، وهي واحدة من أسرع الشركات نمواً في المنطقة العربية في مجالات التعليم ووضع الإستراتيجيات الخاصة بالحكومات والسياسات العامة والتكنولوجيا والتخطيط وتطوير والإرتقاء بمؤسسات وشركات القطاع العام، وتقديم العديد من أنواع الخدمات الإستشارية مثل الخدمات الاستشارية الإدارية، والتعليمية، والفنية، والتدريبية، والمهنية؛ من بين طيفٍ واسع من الخدمات التي تقدمها الشركة في العديد من القطاعات التعليمية والتكنولوجية والرقمية والإقتصادية وغيرها؛ استضافت حلقة عمل حول تعزيز قدرات الرصد والتقييم في هيئات التوظيف الوطنية ومراكز الإرشاد المهني الجامعية. وقد جمعت ورشة العمل التي استمرت ليوم واحد مدراء توظيف وخبراء في مؤسسات التعليم العالي والجامعات بهدف تحسين قدرات المؤسسات العربية على المراجعة الداخلية لبرامج التوظيف وتكييفها لتلبية احتياجات كلاً من الخريجين الشباب من جهة، وأرباب العمل ومدراء الشركات من جهةٍ ثانية، بشكلٍ أفضل.

وقد ناقش ممثلون من عشرين مؤسسة رائدة سُبُل تطوير أساليب أكثر فعالية لتقييم مشاركة الطلاب في معارض وفعاليات التوظيف، وكذلك مشاركة الشركات وأصحاب الأعمال، ومردود عملية الاستقطاب الوظيفي، وذلك بهدف تعزيز التعاون في مجال توظيف الخريجين في المنطقة العربية.

وكان الهدف من حلقة العمل هو دعم قدرات المؤسسات المشاركة على تنفيذ عمليات الرصد والتقييم الرسمية.

وفي هذا السياق يرى السيد وليد العرادي، الرئيس التنفيذي لشركة تحسين للاستشارات، بأن «العديد من المؤسسات في الدول العربية المعنية بتوظيف الخريجين والعاطلين عن العمل لا توفر المشورة المهنية الكافية لمساعدة هذه الشريحة الهامة من المجتمع على اتخاذ قرارات مستنيرة بخصوص المساقات الدراسية والبرامج التدريبية ومجالات التخصص ومسارات التوظيف ودخول سوق العمل. لذا فإن عملية الإرشاد الوظيفي في المنطقة تُقَدَم على نحوٍ غير مُنَظَم». ويضيف السيد العرادي: «المستشارون المهنيون يحتاجون إلى فهم ديناميكيات واتجاهات سوق العمل للتمكن من تقديم المشورة لطلاب الجامعات والخريجين بكفاءةٍ وفاعلية؛ الأمر الذي يتطلب مستشارين مهنيين مدربين بشكلٍ أفضل بالإضافة إلى تبني المؤسسات المعنية لمقاربات أكثر دقة للرصد والتقييم». 

لقد تطور دور الاستشارات المهنية في المنطقة العربية بشكلٍ ملحوظ في السنوات الأخيرة. ومع ذلك ، فقد وجدت أبحاث شركة تحسين للاستشارات أن التوجيه المهني في المؤسسات العربية لا يُميَّز في كثيرٍ من الأحيان عن الإرشاد النفسي، ويقدمه المدرسون أحيانًا إلى جانب مهامهم التدريسية؛ ويركز بشكلٍ أساسيّ على إعداد الطلاب لمرحلة القبول بالجامعات بدلاً من توفير الإرشاد الوظيفي والتوجيه المهني المبكر لهم الذي يساعدهم على اختيار التخصص الجامعي المناسب. يجدر الإشارة إلى الأهمية البالغة لتواجد المستشارين المهنيين على مستوى المرحلة الثانوية، حيث يساعد وجود هؤلاء المستشارين الطلاب على اكتشاف اهتماماتهم، وبالتالي توجيههم إلى التخصصات التي تحتاجها مؤسسات وشركات القطاعين العام والخاص، وترسيخ قيم ومفاهيم أماكن العمل، ومساعدتهم في كيفية البحث عن فرص العمل المحتملة في السوق عند تخرجهم من الجامعات والمعاهد العليا، وتحديد الخطوات اللازمة المطلوب اتباعها للإلتحاق بمهنٍ معينة. وتساعد مراكز التوجيه والإرشاد المهني في الجامعات الطلاب على التواصل المباشر مع أرباب العمل المحتملين والوصول إلى فرص التعيين كمتدربين والتي تؤدي إلى التوظيف الفعلي للخريجين.

وتكتسب مراكز التوظيف الوطنية في المنطقة العربية أهميةً خاصة من منطلق قدرتها على توجيه الخريجين الجدد والعاطلين عن العمل وتمكينهم من رسم معالم مستقبلهم من خلال جهودهم الخاصة.

وقد صرح السيد ويزلي شوالييه، الرئيس التنفيذي للعمليات بشركة تحسين للاستشارات بأنه «إستلهاماً من أفضل الممارسات من تجارب الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يتعين توفير خدمات الإرشاد والتوجيه المهني في جميع المدارس في المرحلة الثانوية، وكذلك خلال مرحلة الدراسة في الجامعات والمعاهد العليا، لمساعدة الشباب العربي على الوصول إلى المعلومات واستكشاف الخيارات المهنية». ويضيف السيد شوالييه: «في جميع أنحاء المنطقة، غالباً ما يفتقر المستشارون المهنيون إلى معلومات مفصلة عن توقعات سوق العمل تمكنهم من اقتراح مسارات مهنية ناشئة تتماشى مع النمو الاقتصادي للبلاد وخطط التنمية الحكومية».

وقد تناولت ورشة العمل خمسة محاور نقاش رئيسية تتعلق برصد وتقييم هيئات التوظيف الوطنية ومراكز الإرشاد المهني الجامعية:

(1)- دور الرصد والتقييم في مراكز التوظيف والإرشاد المهني:

جمعت حلقة العمل الخبراء لمناقشة كيف يمكن للرصد والتقييم أن يسمح للمؤسسات بإدارة البرامج بشكلٍ أكثر فاعلية، وتعزيز التعلم المؤسسي، وتحقيق التواصل الفعال، وبناء المصداقية مع أصحاب العمل.

(2)- كيف يتسنى لمراكز التوظيف والإرشاد المهني مساعدة الشباب على تجاوز التحديات النمطية في سوق العمل:

شهدت السنوات الأخيرة عمليات بحث مكثفة حول تحديد قضايا سوق العمل التي تواجه الشباب العربي. ويتيح هذا البحث لهيئات ومؤسسات التوظيف الوطنية ومراكز الإرشاد المهني بالجامعات اعتماد مناهج أكثر تفصيلاً لمعالجة تحديات البطالة في أوساط الشباب والخريجين الجدد بالمنطقة العربية.

(3)- دور مراكز التوظيف والإرشاد المهني الوطنية في دعم التنمية الاقتصادية:

يمكن لمراكز التوظيف والإرشاد المهني الوطنية أن تلعب دوراً في توفير قاعدة بيانات يمكن الوصول إليها تشمل كافة أوجه المتطلبات التعليمية والمسارات المهنية التي يمكن أن يلتحق بها الخريجون الجدد في المجالات المطلوبة في سوق العمل والتي ترتبط بمستهدفات وطموحات خطط التنمية الاقتصادية في الدول العربية. كما يمكن أن يساعد توفير المعلومات الجيًدة، الخاصة بالأهداف الوظيفية لبرامج المنح الدراسية والخيارات المهنية المتاحة للخريجين الجدد، في تفعيل دور الشركات في القطاع الخاص للإضطلاع بدورٍ أكبر وفعال في توظيف شباب الخريجين. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسهم في استقطاب اتجاهات التوظيف إلى صناعاتٍ معينة خارج التفضيلات النمطية للعمل في مؤسسسات القطاع العام والدوائر الحكومية.

(4)- تحديد المؤشرات الملائمة لقياس وتقييم الخدمات والنتائج:

يجب على أقسام الموارد البشرية ومدراء التوظيف والمسؤولين عن التوجيه والإرشاد المهني الإنتقال إلى ما هو أبعد من التقييمات التي تركز بشكلٍ حصريّ على البيانات الخاصة بتعيين الطلاب كمتدربين من باب الدعاية والتسويق والعلاقات العامة إلى تقييم جودة تقديم الخدمات بشكلٍ أكثر دقة واحترافية.

(5)- أدوات ﺟﻤﻊ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت للتقويم الذاتي اﻟﻤﺆﺳﺴﻲ:

 ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﺎﻋﺪ المقاربات اﻟﻜﻤﻴﺔ واﻟﻨﻮﻋﻴﺔ اﻟﻤُﺤﺴَﻨَﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻋﺪة هيئات التوظيف الوطنية ومراكز الإرشاد المهني الجامعية ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢٍ أعمق لتأثير الفعاليات والأنشطة التي تقوم بها ﻋﻠﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ عمليات التوظيف ومشاركة أصحاب الأعمال والشركات في تلك  الفعاليات.