في مقابلةٍ سريعة مع غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، تحدث الرئيس التنفيذي للعمليات في تحسين للاستشارات، ويزلي شوالييه، عن جهود أبوظبي الدؤوبة والحثيثة لتصبح مركزاً عالميًا للتكنولوجيا المالية. ليس هناك مبالغة في القول بأن المختبر التنظيمي التابع لسوق أبوظبي العالمي يُعد الإطار التنظيمي الأول من نوعهِ في قطاع التكنولوجيا المالية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تجدر الإشارة هنا إلى الأهمية الكبيرة لقطاع التكنولوجيا المالية والفرص الكبيرة والحقيقية التي يتيحها والتي قد تجعل منه ركيزةً أساسية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في العالم العربي.
غرفة تجارة وصناعة أبوظبي: لماذا أبو ظبي جذابة للغاية لشركات التكنولوجيا المالية؟
ويزلي شوالييه: في عام 2016، نشرت سلطة تنظيم الخدمات المالية في سوق أبوظبي العالمي ورقة استشارية تهدف إلى بلورة رؤى ووجهات نظر الخبراء والمختصين في مجال التكنولوجيا المالية للخروج بإطارٍ تنظيمي يقنن وينظم عمل شركات التكنولوجيا المالية الناشئة. وقد أدى هذا التشاور المكثف إلى قيام سوق أبوظبي العالمي بتأسيس أول إطار تنظيمي ومختبر تنظيمي لشركات التكنولوجيا المالية الناشئة في العالم العربي.
وتسير هذه المبادرة على خطى هيئات تنظيمية مماثلة في مجال التكنولوجيا المالية في كلٍ من المملكة المتحدة، وسنغافورة، وهونغ كونغ، وأستراليا والتي تتنافس جميعاً لتصبح مراكز عالمية للتكنولوجيا المالية.
وتوفر هذه البلدان مساحة آمنة لشركات التكنولوجيا المالية لاختبار المنتجات المبتكرة والخدمات ونماذج الأعمال دون الاضطرار إلى الامتثال في البداية للمتطلبات القانونية والتنظيمية التقليدية لقطاع الخدمات المالية.
إن الالتزام الأخير الذي أظهرته أبوظبي لاحتضان التكنولوجيا المالية بالإضافة إلى دورها التقليدي كلاعب قوي في قطاع الخدمات المالية الإقليمي يجعل أبوظبي قاعدة جذابة للغاية للمؤسسات المالية الراسخة التي تستكشف التكنولوجيا المالية بالإضافة إلى شركات التكنولوجيا المالية الناشئة لتجريب المنتجات أو الخدمات المالية المبتكرة.
إن احتضان التكنولوجيا المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة هو تطور في الرؤية الأولية لترسيخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز دولي للخدمات المالية الموحدة التي تقدم حزمةً متكاملةً من الخدمات المالية التي يمكن مقارنتها بمثيلاتِها من المراكز المالية العالمية الرائدة الأخرى.
توفر أبوظبي الإطار التنظيمي، والفضاء الآمن للابتكار، والدعم الحكومي القوي، والالتزام برؤية طويلة الأجل تبحث عنها شركات الخدمات المالية الساعية إلى تقديم منتجات وخدمات مبتكرة. وبالإضافة إلى ذلك ، هناك العديد من العوامل الإقليمية التي تجعل أبوظبي جذابة. فعلى الرغم من اختلاف التقديرات بشكلٍ كبير، إلا أن هناك حوالي 80٪ من السكان في العالم العربي لا يتعاملون تجارياً عبر المصارف، ولا تزال البنوك التجارية التقليدية تهيمن على الإقراض مع تقديم خدمات ضعيفة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل أكثر من 90٪ من معظم الاقتصادات العربية. وتقدر التجارة الإلكترونية عبر العالم العربي بحوالي 7 مليارات دولار وهي تشهد ازدهاراً كبيراً حيث أن النسبة المئوية لشريحة الشباب المتوجهين نحو التكنولوجيا عاليةً في التكوين الديموغرافي للدول العربية؛ وهذه الشريحة الشبابية تعد القوة المحركة الأولى في التوجه نحو الابتكار التكنولوجي.
غرفة تجارة وصناعة أبوظبي: كيف تساعد التكنولوجيا المالية في النهوض بمنطقة الشرق الأوسط وأبو ظبي؟
ويزلي شوالييه: ليس من الواضح في الوقت الحالي الشكل المستقبلي والنطاق الكامل لحالات الاستخدام الممكنة للتكنولوجيا المالية في المنطقة، ولكن هناك عدد قليل من الاتجاهات الكلية التي يمكن استنباطها من خلال تتبع النهج الذي تسير عليه الشركات الناشئة في المنطقة وكذلك المحاور التنافسية لشركات الخدمات المالية الأكثر رسوخًا. ونلاحظ وجود تنافس أكثر في مجال قطاع المدفوعات مع قيام شركات التكنولوجيا المالية بتحدي دور الوسيط الذي تلعبه شركات الدفع التقليدية الأخرى حيث أن شركات التكنولوجيا المالية تقدم خدمات دفع مباشرة وأسرع وأرخص.
ومن ناحية أخرى، نشهد طفرة كبيرة في استخدام الهواتف النقالة والعملات الرقمية المشفرة وتكنولوجيا البلوك تشين في الدفع وانجاز المعاملات، اضافة إلى تقديم الخدمات المصرفية عبر الإنترنت وتطبيقات الهواتف الذكية.
ومن المرجح أن تحل المدفوعات الرقمية والدفع من خلال الهواتف النقالة محل الدفع التقليدي بالبطاقات البنكية، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى جعل بعض قنوات الدفع التقليدية مثل أجهزة الصراف الآلي وتكنولوجيات نقاط البيع بالية. كما أن البنية التحتية للدفع الخاصة بتكنولوجيا البلوك تشين، والتي تعتبر دبي رائدة فيها، لديها القدرة على تقليل تكاليف معالجة المدفوعات بشكل كبير. وعلاوة على ذلك ، فإن شركات التأمين على شبكة الإنترنت أصبحت تتحدى هيمنة شركات التأمين التقليدية.
وسنرى كذلك زيادة في معدلات استخدام البيانات من قبل المؤسسات المالية لخدمة الشركات الناشئة والصغيرة ومتوسطة الحجم وكذلك تقديم خدمات إيداع وإقراض مصممة خصيصاً للشرائح السكانية التي لم تكن تتعامل مع البنوك في السابق.
وقد نجحت المنصات الإلكترونية بالفعل كوسائل تمويل بديلة لرواد الأعمال الذين يبحثون عن التمويل في المراحل الأولى من دخول شركاتهم الناشئة الأسواق وذلك بسبب عدم وجود رأس المال المخاطر ولتفادي الفوائد الباهظة للقروض البنكية المقدمة للشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة الحجم في المنطقة. نحن الآن في مرحلة مثيرة جداً للاهتمام في تطور التكنولوجيا المالية على المستوى الإقليمي، حيث لا تزال هناك أسواق كبيرة غير مستغلة حالياً يمكن التوجه إليها والإستفادة منها.