تُعتَبَر مجلة «التقرير الاقتصادي» التي يصدرها مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي مرجعاً هاماً لقيادات القطاعين العام والخاص ورؤساء الشركات ورجال الأعمال عندما يتعلق الأمر بأخبار الاتجاهات والسياسات الاقتصادية في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ فمجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي معني بإعداد التوصيات حول السياسات الاقتصادية وإطلاق المبادرات التي تعزز التنمية المستدامة والتنويع الاقتصادي. وتتشرف تحسين للاستشارات بالمساهمة بأفكارها وتحليلاتها، في إصدار نوفمبر من «التقرير الاقتصادي»، حول دور السياسة الاقتصادية لجهاز أبوظبي للاستثمار.
وفي هذه المقالة، يتحدث الرئيس التنفيذي لشركة تحسين للاستشارات، السيد وليد العرادي، مع ممثلين من مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي عن أفكارهِ حول دور جهاز أبوظبي للاستثمار في السياسات المالية.
مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي: ماهي المجالات التي يعمل فيها جهاز أبوظبي للاستثمار؟
وليد العرادي: وفقاً للمادة رقم (23) من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، تعتبر الثروات والموارد الطبيعية في كل إمارة مملوكة ملكية عامة لتلك الإمارة ويقوم المجتمع على حفظها وحسن استغلالها لصالح الاقتصاد الوطني. ويعتبر جهاز أبوظبي للاستثمار مؤسسة عامة تأسست من قبل حكومة إمارة أبوظبي في عام 1976 كمؤسسة استثمارية مستقلة. ومنذ ذلك الحين، استثمر جهاز أبوظبي للاستثمار بحكمة الأموال نيابةً عن حكومة أبوظبي، مع التركيز على خلق القيمة على المدى الطويل.
ويستلم جهاز أبو ظبي للاستثمار أمواله من حكومة أبوظبي وتستثمر هذه الأموال في المصلحة العامة للإمارة ومواطنيها.
إن عملية تخصيص الإيرادات وتحويلها إلى جهاز أبو ظبي للاستثمار لا تستند إلى محددات معينة وإنما تستند إلى ثلاثة مصادر:
- فوائض الموازنة التي تنشأ من فائض الإيرادات البترولية لحكومة إمارة أبوظبي؛ ويشمل ذلك الضرائب على شركات النفط وكذلك الأرباح من شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك).
- العوائد السنوية للأصول المستثمرة في المحفظة الاستثمارية لجهاز أبوظبي للاستثمار.
- تضخ أدنوك تدفع نسبة غير معلنة من دخلها مباشرةً في صندوقين سيادييّن للموارد الطبيعية (مجلس أبوظبي للاستثمار وجهاز أبو ظبي للاستثمار).
وهناك بعض التقديرات للقيمة الاجمالية للأصول التي يملكها جهاز أبو ظبي للاستثمار تتراوح ما بين 700 مليار دولار إلى 800 مليار دولار
.مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي: كيف يتم إدارته؟
وليد العرادي: جهاز أبوظبي للاستثمار (أديا) هو صندوق سيادي تابع لحكومة أبوظبي، وهو مؤسسة استثمارية حكومية مستقلة مملوكة بالكامل لحكومة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة. ومع ذلك، يمارس الجهاز ولايته الاستثمارية بشكلٍ مستقل عن حكومة أبوظبي والمؤسسات الأخرى المعنية بالإستثمار نيابةَ عن حكومة الإمارة. ويدير الجهاز محفظةً استثمارية عالمية متنوعة في أكثر من 24 فئة من فئات الأصول والفئات الفرعية. ومنذ عام 2008، حقق جهاز أبوظبي للاستثمار أعلى معايير الشفافية والنزاهة كمستثمر وشريك موثوق ومعتمد على مستوى دول العالم، وشارك في صياغة مبادئ سانتياغو واجتماعات المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية. وتشمل الجهات المعنية الرئيسية في إدارة جهاز أبوظبي للاستثمار ما يلي:
- حكومة أبوظبي: أنشأت حكومة أبوظبي الآلية القانونية لجهاز أبوظبي للاستثمار في عام 1976 بهدف الاستثمار في أصول إمارة أبوظبي وما زالت هي المالك القانوني للجهاز وأصوله.
- مجلس الإدارة: يشغل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان منصب رئيس مجلس الإدارة. ويشرف المجلس على إدارة جهاز أبوظبي للاستثمار، وتبلغ مدة العضوية لأعضاء المجلس التسعة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.
- المدير العام عضو مجلس الإدارة المنتدب في جهاز أبوظبي للاستثمار: وهو المسؤول عن الاستثمارات والقرارات ورفع التقارير التشغيلية إلى مجلس الإدارة، كما أن العضو المنتدب هو أيضا عضو في مجلس الإدارة.
- لجنة الاستثمار: تقدم المشورة للمدير العام بشأن سياسات الاستثمار واختيار المدير الخارجي والأداء.
- قسم التدقيق الداخلي: يرفع تقارير العمل إلى المدير العام ولجنة التدقيق.
- لجنة التدقيق: تشرف على وتعين اثنين من مدققي الحسابات الخارجيين.
مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي: ما أهمية دور جهاز أبوظبي للاستثمار في تطوير أبوظبي ومستقبلها؟
وليد العرادي: يلعب جهاز أبوظبي للاستثمار دوراً حاسماً في السياسة الاقتصادية من خلال كفاءته وفعاليته في إدارة الثروة المالية لحكومة أبوظبي. كما يتيح الجهاز دعم استراتيجية حكومة أبوظبي لتقليص إعتمادها على عائدات النفط وتمتعها بقدرات إنفاق عالية في المستقبل، وتهيئة الإقتصاد لمرحلة مابعد النفط.
ويعمل جهاز أبوظبي للاستثمار (أديا) كصندوق سيادي استثماري لصالح أجيال متعددة، ويدير محفظة استثمارية متنوعة من الأصول الدولية، ويركز على توليد عوائد مالية طويلة الأجل.
وعادة ما تستخدم البلدان صناديق الثروة السيادية للحفاظ على جزء من الإيرادات من عوائد الثروات الطبيعية القابلة للنضوب للأجيال القادمة واحتياجات الإنفاق. وفي البلدان التي تتمتع بدرجةٍ عالية من الاعتماد المالي على تصدير الموارد غير المتجددة، يتمثل أحد التحديات الرئيسية في تحويل تلك الموارد إلى مصادر مستدامة ومستقرة للدخل في المستقبل، بينما تعمل أيضًا على حماية البلاد من التقلبات في أسعار السلع الأساسية. جهاز أبوظبي للاستثمار مصدر مهم للايرادات المالية يتيح لاماراة ابوظبي الحد من اعتمادها على عائدات النفط المتقلبة. ويمثل ضخ فائض عائدات النفط في صندوق ثروة سيادي مثل جهاز أبوظبي للاستثمار وسيلة لتجنب التعرض لتقلبات دورات الازدهار والكساد مثل التي ربما نعاني منها اليوم، من خلال مراكمة أصول عالمية كافية.
وقد ساهمت استراتيجية الجهاز في حماية النمو الاقتصادي لإمارة أبوظبي بشكلٍ عام من تأثير صدمات رئيسية. وحافظت أبوظبي على سياسة مالية حكيمة استخدمت فيها عائدات النفط لمعادلة كفتيّ الميزانية وتمويل التنمية.
ويتم إستثمار الفوائض من خلال جهاز أبوظبي للاستثمار، ثم يجري الإعتماد عليها في أوقات العجز.