إذا تمت معالجة التحديات الرئيسية التي يواجهها قطاع النشر في المملكة العربية السعودية، فإنه من الممكن أن يحقق حجم التعاملات في مجال النشر والإعلام والمحتوى الرقمي مداخيل تصل إلى 3,600 مليون دولار، ويوفر 9,800 فرصة عمل جديدة بحلول عام 2017، وذلك وفقاً لدراسة جديدة أجرتها شركة تحسين للاستشارات.
وقد أُجريت هذه الدراسة، التي تصدر اليوم، لدعم المبادرة الناجحة لجمعية الناشرين السعوديين في الحصول على العضوية الكاملة في الجمعية الدولية للناشرين. والجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية هي البلد الرابع في العالم العربي الذي يحقق العضوية الكاملة في هذه المنظمة الدولية المرموقة التي تمثل وترعى مصالح الناشرين على مستوى العالم. ويأتي هذا التقرير في الوقت الذي يستعد فيه الناشرون السعوديون لحضور معرض الشارقة الدولي للكتاب الرابع والثلاثين الذي سيبدأ في الرابع من نوفمبر.
وبهذه المناسبة يقول ويزلي شوالييه، الرئيس التنفيذي للعمليات بشركة تحسين للاستشارات: ”منذ العام 1990، شهد قطاع النشر بالمملكة العربية السعودية تحولات كبيرة. ومع بداية التسعينات، سيطر على الصناعة شركات ناشئة صغيرة وبعض الناشرين وتجار تجزئة متخصصين. إلا أن المشهد تغير بحلول منتصف التسعينيات حيث بدأنا نلاحظ ظهور شركات متكاملة متخصصة في النشر والتجزئة. لقد كان هناك تحولاً كبيراً من بيع الكتب بمحال بيع الكتب والمكتبات الصغيرة إلى المحلات الكبرى ذات السلاسل المنتشرة في ربوع الوطن، كما شهدت بدايات ظهور منصات البيع بالتجزئة عبر الإنترنت التي تلبي التفضيلات الناشئة للكتب الإلكترونية والمحتوى الرقمي. وهانحن اليوم نشهد زيادة في نمو الشركات الكبيرة والمتكاملة التي لديها امكانيات كبيرة على صعيديّ النشر والتوزيع. كما أن هناك زيادة في استهلاك المحتوى الرقمي بسبب انتشار الهواتف والأجهزة اللوحية المحمولة في طول البلاد وعرضها مع اتجاه ملحوظ للناشرين والمستهلكين السعوديين صوب التجارة الإلكترونية“.
ستحتاج صناعة النشر السعودية إلى معالجة العديد من التحديات
تظهر دراسة تحسين للاستشارات أن قطاعات النشر والإعلام والمحتوى الرقمي ستحتاج إلى معالجة عدد من التحديات لتحقيق النمو. وفي الوقت الذي تساهم فيه صناعة النشر السعودية حاليا بأقل من ١٪ من الناتج المحلي الإجمالي، فإن التقديرات الدولية تشير إلى أن الصناعات الثقافية يمكن أن تسهم بنسبة تصل إلى مابين ٢٪ و ٣٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وإذا تمكنت شركات الإعلام والنشر والمحتوى الرقمي من الوصول إلى هذا المعيار الدولي، فإن الصناعات الثقافية في المملكة العربية السعودية يمكن أن تساهم بشكل كبير في التنويع الاقتصادي وإيجاد فرص عمل جديدة.
وتحدد الدراسة الحاجة إلى استراتيجية وطنية للنشر بقيادة الحكومة توضح أولويات احتياجات قطاع النشر وسبل التعامل مع التحديات التي يواجهها، ووضع استراتيجيات تطوير الصناعة، وتحديد المسؤوليات ومقاييس الأداء ، ووضع جدول زمني للتنفيذ.
وقد أعددنا عدداً من التوصيات لصانعي السياسات لتمكين صناعة النشر من النمو؛ نذكر منها:
- تنشيط الاستثمار الخاص في صناعات النشر والإعلام والمحتوى
- زيادة الصادرات من مخرجات النشر والإعلام والمحتوى الرقمي إقليمياً
- تكثيف برامج التعليم والتدريب لتطوير مهارات الصناعة الإبداعية
- تشجيع الناشرين على التوجه للنشر الرقمي والمبيعات عبر الإنترنت
- تحسين جمع وتحليل البيانات الخاصة بقطاع النشر
- جعل فعاليات معارض الكتب الرئيسية أكثر جذبا للعائلات
- تطوير المزيد من برامج الترويج للقراءة التربوية الموجهة
- تحبيب الأطفال في القراءة وتنشئتهم عليها في مرحلة مبكرة
- وضع استراتيجية لتطوير المكتبات
- تسهيل إجراءات التراخيص والتصاريح للناشرين
- تطبيق وإنفاذ إجراءات حماية حقوق النشر
ويقول وليد العرادي، الرئيس التنفيذي لشركة تحسين للاستشارات، والمؤلف المشارك لهذه الدراسة: ”بينما يسعى عدد من المؤسسات الثقافية والعلمية المانحة لجوائز الكتب، والهيئات المنظمة للمعارض والمهرجانات، إلى بناء بيئة مزدهرة لثقافة القراءة والكتاب في ربوع المملكة العربية السعودية، إلا أنه لا توجد سياسات محددة لتطوير صناعة النشر بما يحقق نقلة نوعية للكتاب السعودي باتجاه العالمية ويحقق له النجاح في سوق النشر الدولية المتطورة. لذا يحتاج الناشرون السعوديون إلى الدعم ليصبحوا أكثر انفتاحاً على التغيير، والتكيف مع الأشكال الرقمية المتطورة، واعتماد استراتيجيات التوزيع عبر الإنترنت“.
توسيع نطاق نشر الكتاب السعودي على المستويين الإقليمي والدولي
وبصفتها عضوًا كامل العضوية في الجمعية الدولية للناشرين، فإن الدوائر الحكومية والهيئات السعودية المعنية بصناعة النشر تضطلع الآن بمسئولية أكبر بكثير تجاه الناشرين والمجتمع الدولي في معالجة التحديات التي تواجه هذا القطاع لفتح آفاق جديدة تضمن توسيع نطاق نشر الكتاب السعودي إقليمياً ودولياً والذي من شأنه تطوير هذه الصناعة الهامة وتوفير المزيد من فرص العمل. وإذا تم التعامل مع تحديات الصناعة بشكل استباقي من قبل الأطراف المعنية، فإن صناعات النشر والإعلام والمحتوى الرقمي تمتلك إمكانات كبيرة في المساهمة في الحياة الفكرية السعودية والإقليمية، وتعزيز التنمية الاجتماعية والثقافية، وتوفير الفرص الاقتصادية.