أَبرزَ تقرير لشبكة (كونفرج يو إس) الأمريكية، قدمته إلى مؤسسة بيل وميليندا غيتس، الدراسات التي اضطلعت بها شركة تحسين للاستشارات في مجال نظم تكوين المهارات الوطنية. وتضم شبكة (كونفرج يو إس) مدراء تنفيذيين وكوادر عليا في شركات التكنولوجيا، وقد تأسست عام 2011 لتشجيع الشركات والمؤسسات الأكاديمية والمنظمات غير الربحية على الاستفادة من التكنولوجيا لإحداث تغيير إيجابي في القضايا الحرجة التي تواجه المجتمع الأمريكي. وفي هذا السياق، حقق كلاً من (راي رمزي) الرئيس المشارك لشبكة (كونفرج يو إس) والرئيس التنفيذي لـ(تيكنت)، والتي تضم نخبة من كبار المديرين التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا وكبار المسؤولين التنفيذيين الذين يشجعون نمو اقتصاد الابتكار، و (بيز ستون) الشريك المؤسس لمنصة تويتر العالمية، خطوات ملموسة على صعيد تسخير التكنولوجيا القائمة على الابتكار في معالجة المشاكل الاجتماعية الحرجة بهدف تسريع الابتكار الاجتماعي.

لقد وَجدَ ويزلي شوالييه (2013)، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة تحسين للاستشارات، أن 17 من بين 22 دولة في العالم العربي قد تبنت تطوير اقتصاد قائم على المعرفة كهدف لسياسة اقتصادية متوسطة إلى طويلة الأجل. التنمية الاقتصادية القائمة على المعرفة هي في صلب الأهداف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للحكومات العربية، كما أنها مرتبطة بشكلٍ كبير بالقدرة التنافسية الوطنية والسياسات الاقتصادية التي تدعم الابتكار وتطوير التكنولوجيا وريادة الأعمال وتطوير مهارات القوى العاملة واعتماد الهياكل التنظيمية عالية الأداء وتطوير البنية التحتية لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات. وهناك أهداف عديدة للتنمية المشتركة مثل خلق فرص العمل، وتحقيق التكامل  والتنويع الاقتصادي، والتوجه نحو الاستدامة البيئية، ودعم برامج التنمية الاجتماعية التي تعزز الانتقال الناجح إلى الاقتصادات القائمة على المعرفة. من ناحيةٍ أخرى، يعتبر تطوير رأس المال البشري من العوامل الأساسية للتنمية القائمة على المعرفة حيث يفضي إلى تطوير مجتمع يتميز بالأفراد ذوي المهارات والقدرة على استيعاب المتغيرات التكنولوجية السريعة والسعي إلى الابتكار من خلال التعليم الجيد والتوظيف وفرص التعلم مدى الحياة المتاحة على نطاقٍ واسع.

ويرى ويزلي شوالييه  أن العالِم والباحث الاقتصادي غاري بيكر قد ساهم إلى حدٍ بعيد في انتشار مفهوم الاستثمار في رأس المال البشري وإبراز علاقته بالتنمية الاقتصادية، حيث شدد بيكر (1994) على الرابط الأساسي بين رأس المال البشري والنمو الاقتصادي عندما لاحظ أنه «بما أن رأس المال البشري يتجسد في المعرفة والمهارات، وحيث أن التنمية الاقتصادية تعتمد على التقدم في المعارف التكنولوجية والعلمية، فإن التنمية تعتمد على تراكم رأس المال البشري».

ويقول شوالييه أن كلاً من (كوروفيلا) و(ررنغاناثان) (2008) أوضحا أنه في ضوء مستويات المهارات الكافية، فإن استراتيجية التنمية القائمة على تصدير الصناعات منخفضة التكلفة والمستندة إلى المعرفة تعد بديلاً قابلاً للتطبيق بالنسبة إلى الصناعات التقليدية ذات التكلفة المنخفضة الموجهة نحو التصدير. وفي أغلب الأحيان، يتم اتباع استراتيجيات التصنيع في البلدان النامية. كما تم توثيق توجه المزيد من الدول النامية نحو تبني اقتصادات المعرفة ومعالجة تحديات تكوين المهارات التي تصاحب هذه التحولات.

ان عدم قدرة أنظمة تكوين المهارات على إنتاج قوى عاملة ذات مهارات رفيعة المستوى يمثل عائقاً لا يستهان به أمام مسيرة التنمية الاقتصادية القائمة على المعرفة. وتعد قابلية أنظمة تكوين المهارات وتوافقها والجهات الفاعلة المكونة لها استجابةً لعواملٍ مثل التنمية الاقتصادية، ومتطلبات أصحاب العمل من المهارات، والتقدم التكنولوجي، وتعزيز الصناعة، واتجاهات الاقتصاد الكلي، أمرًا بالغ الأهمية للتنمية القائمة على المعرفة في بلدان الوطن العربي (شوالييه، 2011 ، 2013).

ويقدم تحليل شركة تحسين للاستشارات نهجاً مؤسسياً لتكوين المهارات، والذي قد يكون بمثابة نموذج مفاهيمي لأنظمة تنمية المهارات الوطنية التي تتطلب المرونة والاستجابة لإقامة صناعات متطورة قائمة على الابتكار. ولا شك أن الأدبيات الخاصة بتكوين المهارات مستمدة من العديد من التخصصات. وللأسف، فإن هذه الأدبيات الحالية موجودة في الوقت الحاضر بشكل مجزأ وغير متكامل يفشل في تجاوز حدود التخصصات.

ويوجد حاليًا إطار عام مقبول لتحليل النظم الوطنية لتنمية المهارات، الأمر الذي أدى إلى تبني الدول مقاربات تفاعلية لمشاكل تنمية المهارات (كوروفيلا ، إريكسون ، وهوانغ ، 2001). الإطار المفاهيمي المتقدم هو محاولة لمراجعة وتوليف الأدبيات المتعلقة بتكوين المهارات. وتقترح الدراسة المقدمة من شركة تحسين للاستشارات نظرةً شاملةً ومتكاملةً لأنظمة تكوين المهارات الوطنية التي تسترشد بالتدخل الحكومي في ضوء الإخفاقات المتفشية لنهج تكوين المهارات التي تعتمد حصرياً على آليات السوق.

وفي ظل هذه الأساليب لتكوين المهارات ، تفتقر نظم التعليم والتدريب الرسمية ، وسياسات التنمية الصناعية، ومبادرات التدريب على مستوى الشركات، وتنمية القوى العاملة، والحوافز الكامنة وراء الاستثمار الفردي في المهارات إلى التنسيق، بيد أنها استمرت كمجالات بحث متميزة (كوبفر 2011). ومن المهم اعتبار المؤسسات والمصالح ذات الصلة لأصحاب المصلحة الرئيسيين مترابطة للغاية في سياق التنمية الاقتصادية القائمة على المعرفة وسعي الكيانات الحكومية الى تحقيق الأهداف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في البلدان النامية.